رجع: أستغفرك ما حي السيئات من قول ليس بإسناد، استكثر من السناد، كم أوطئ في الذنوب، وأضمن الحوب بالحوب، وإذا تقويت، لفعل الحسنة أقويت، ومتى انكفأت، إلى الخير أكفأت. فاسترنى رب فعيوبى أقبح من السناد والإكفاء. إن لهماً، سكن في شماريخ رضوى شهماً، يرى الأنيس عن عفرٍ، ويلد غفراً بعد غفر، وهو من خلق الله بديع يتوقل في كل يفاع، ويعلق بروقه رءوس الأفاع، رعى النشم، وما أحتشم، وجمع في سنةٍ بعد سنة، بين التيقظ والسنه، نيا ونيا، على قراه وكشحه مبيناً، وناش العتم في العتمات، ووطئ القان بقيونٍ مؤبدات، ولو أخطأه قتل مات، أتيح له رام، جعل بضيعه في البرام، فيا ويح قوس من السدر، أنزلته من الشعف إلى القدر، إستماه القانص فرماه، ورداه بما حمله وارتداه، وكأنه من طول الدهر، حامل شجرةٍ على الظهر، وعمد راميه وما هاب، إلى الإهاب. فاتخذ منه نعلين، شراهما بدرهمين، ناسك دلف بهما في طاعة الله، لجدير والله كريم أن يبعثه رب العالمين فيرتع، ولا يروع، في روضةٍ منوية، غير مصوحةٍ ولا ملوية، ويكرع في أعدادٍ مروية، ما طلع نجم بعشاء. غاية.
تفسير: السناد هاهنا: المخالفة. والإيطاء: تكرير القافية في الشعر. ويروى عن أبي عمرو الشيباني أنه نزل به أعرابي فقدم اليه طعاماً فيه لونان متساويان فقال: يا أباعمرو قد أوطأت في طعامك. والتضمين: أن يكون المعنى يحتاج إلى البيتين من الشعر. والإقواء في الشعر: اختلاف إعراب الروى وهو هاهنا مثل، والمعنى أنى لا أستمر على صوابٍ. والإ كفاء: اختلاف حرف الروى في نفسه مثل أن يكون مرةً طاءً ومرة دالاً. وأكثر ما يقع ذلك في الحروف المتقاربة مثل الصاد والسين، والطاء والدال؛ قال الراجز: جارية من ضبة بن أد كأن تحت درعها المنعط شطا أمر فوقه بشط وإنما يوجد ذلك في أشعار النساء والضعفة من الشعراء. اللهم: الوعل المسن.
الشهم: الجرئ الفؤاد. عن عفرٍ: عن دهرٍ. الغفر: ولد الأروية وهي أنثاة الوعل. يتوقل: يترقأ. النشم: ضرب من الشجر ينبت في الجبال تعمل منه القسى. الني: الشحم. والني: ضد المطبوخ. والعتم: زيتون ينبت في الجبال. القان: ضرب من شجر الجبال أيضاً. والقيون: جمع قين وهو جانب عظم الوظيف. مؤبدات: شداد. البضيع: اللحم. استماه: طلبه في الهاجرة. ورداه: ألقاه من علوٍ إلى سفلٍ. منوية: مسمنة. صوح النبت: إذا تشقق لليبس. وألوى: إذا ولى. العد: الماء القديم.
رجع: إن ناقةً وجملاً، غبرا في الزمن هملاً، حتى إذا صار الجمل عودا، والناقة ناباً لا تتبع ذوداً، سلط عليهما رب مدية، لا ينشط لأخذ الفدية، فنحرا بعلم الله، والقدر، صير لحومهما تقدر، وصنع من جلودهما خفان، مسح عليهما للصلاة، لحقيقان والله قدير أن يعيدهما الخالق بكرين، يهملان بين حمضٍ وعين، لا يمنع منهما حوض، ولا يحظر عليهما روض، يدومان كذلك ما اكتسى هيق بعفاء. غاية.
لطف منشئ العقول. ان نسراً، أدرك محارباً وجسرا، كان يسيح، في الجو الفسيح، فبصر بأوصال، في بعض الآصال، وقد كظه جوع، ومنع منه الهجوع، فانكفت، وما التفت، إلى رذىٍ ملقى، بين نهرٍ ونقى، فحال الإنسان بمثله، بين النسر وبين أمله، وكسا ريشه سهاما، فظهاراً منه ولؤاما، لخليق وربنا حميد إذا رمى بتلك الأسهم في سبيل الجبار أن يحشر في طيرٍ لا يصدن، وبأذيةٍ لا يقصدن، وما أريد به وجه الله لم يذهب في الزبد الجفاء. غاية.
تفسير: محارب: ابن خصفة بن قيس بن عيلان. وجسر: قبيلة من محارب. انكفت هاهنا: انقض. الظهار: الذي يعلو من ظواهر الريش. واللؤام: أن يكون ظهر الريشة إلى بطن الأخرى، وهو أجود ريش السهام. الزبد الجفاء: هو الذي يرمى به السيل لا يحتسب به.
رجع: إن ربنا لطيف. إن كان التمر في البير، فالنبات في الصبير، رب ذبيح، للضيف النبيح، طرق الحي بأجلٍ معجل، لم تكن الراعية منه على وجل، لعل الأسحم، لا يترحم، لروحٍ فارقت عريناً سقط عليه في التبع، فشبع منه وأشبع، والأخطب، لا يستغفر لمالك الرطب، وأنا على خلاف ذلك الرأي. كل نغبةٍ شربتها فاشتفيت، أو تطهرت بها فصليت، أوأزلت دنساً فأنقيت، فرحم الله المحتفر قليبها، وكل ثمرةٍ أصبتها، فلا تبعد يد من غرس قضيبها، ومن كان ذريعة خيرٍ وصل إلى فجوزي أحسن الجزاء.