رجع: غفرانك ربنا القديم، خلقت الخير، إلى جنب الضير، رب صعق، في غمامٍ منبعق يطرد الجدب، بخصب أدب، وغريق، في غمرٍ ينقع سالك الطريق، وما أقدرك على إنقاذ الجميع. يا نفس لا تهللى دون التهليل ولا تكبرى عن التكبير، كيف يتكبر، من في الغد يقبر، عجبت لفم ذكر الله كيف يدرد، وثنايا مر بها ذكره كيف تحبر، ولسانٍ نطق بتسبيحه أنى يتلجلج، ونهكةٍ اجتازت بها أسماؤه كيف لا تأرج، وقلبٍ أضمر عظمته لم لا يتصدع، وربنا بذلك حقيق، والعجب لقيلٍ مكرم يحتل في جنابٍ كالحرم، خرج من الدنيا بوسق، من فسق، وفجور، كالبحر المسجور، وكرم ربنا أعظم من ظلم الظالمين، وآخر محتقر، في النادى ليس بموقر، ارتحل بذخر، ليس فيه من سخر، ومال، من حسن الأعمال؛ وأجر، يطفئ حرارة الهجر، والله الموفق للرشاد، رب لا تجعلنى راب عروج، جعلها الوسمى كالبروج، يعاذ من شكية العود، ويذود السائل عن كل ذود خلقه نابٍ، أن يحمل على الناب، وأن يسمح لابن سبيل بفحل، يضع عليه أقتاد الرحل، وللوبر، لديه أعظم الخبر، ورزقك ربنا عليه مدرار، ولا أكن رب مثمر غنم، يصبح بينها كالصم، أسمن، واجتاب السمن، لا يهب إمراً، ولا يسقى غمراً، دون عبوره الشعرى العبور، وحمل العرماء، عنده كحمل السماء، وأنت رب مقسم الأرزاق. يا معفر الصور، ألا تخاف حورا بعد كور، أخبرك عن صواديك! إنها ليست تفديك، فاسمع بالمعد، لسعيد وسعد، واتق الله بالغدو والآصال، كفتينى رب شقاء الدينا فاكفن شقاء الآخرة، وأنت محمود معنا. في العصر رجال كلهم من البوس، ظاهر العبوس، يشرب الثجير، في الهجير، ويصطلى الغزالة من قيامٍ وقعود؛ كاصطلاء حرباء العود، ويندفن في الثبره، من شفيف السبره، ويلجأ في الصنبر، إلى قرموص كالقبر، وربما فزع إلى وقود خضل، يحرق السمل، وكأنه للعين قد سمل، فدمعه من الدواخن جار، وكأنه من طلته في إجار، ساكن الضريح، في رأيه كالمستريح، ليس في منزله من خفاء. غاية.
تفسير: الصعق: الذي تصيبه الصاعقة، ومنه سمى الصعق أبو يزيد ابن الصعق. انبعق الغمام: إذا جاء بمطر كثير، وكذلك انبعقت المزادة. الأدب: العجب. ينقع أي يروي ويقطع العطش. تحبر. الحبر: وسخ يركب الأسنان. والقيل: ملك دون الملك الأعظم، وقد يقال لكل ملك قيل.
الوسق: الحمل. المسجور: المملوء، وهو في غير هذا الفارغ. العرج: الخمسمائة من الإبل إلى الألف. ويقال عرج أيضا ويجمع في القليل أعراج، وفي الكثير عروج. والذود: من الثلاثة إلى العشرة. أسمن: إن شئت كان من كثرة السمن وإن شئت كان من سمن غنمه. واجتاب السمن أي لبسه كما تقول اجتاب الثوب. الإمر: الجدى. والعناق إمرة. العرماء: التي فيها بياض وسواد.
المعفر: الملقح، والصور: جماعة من النخل صغار، لا واحد له من لفظه. الحور بعد الكور: النقصان بعد الزيادة، والأصل من حار إذا رجع، وكار العمامة إذا أدارها على رأسه، صوادى النخل: الطوال، المعد: الذي قد أرطب كله، وكل غضٍ رطبٍ من ثمر أو نبات فهو معد. لسعيدٍ وسعدٍ: مثل يضرب يراد به كل الناس، وأصل ذلك فيما ذكر المفضل الضبى: أن ضبة بن أدٍ كان له ولدان، يقال لأحدهما سعد، وللآخر سعيد، فسافرا، فرجع سعد ولم يرجع سعيد، فكان ضبة إذا رأى سواداً مقبلا قال: أسعد أم سعيد؟ ويقال إن ضبة بن أدٍ ساير الحارث بن كعبٍ في أرض الحرم فتحادثا، فقال الحارث بن كعب: صحبت رجلا في هذا المكان فقتلته وأخذت منه هذا السيف، ووصف صفة سعيد بن ضبة. فقال له أبوه ضبة: أرنى السيف، فلما أخذه عدا على الحارث فقتله، وقال: الحديث ذو شجونٍ، ويقال إنه أول من نطق بهذه الكلمة، فعوتب في قتله رجلا بالحرم، فقال: سبق السيف العذل. وهو أول من قال ذلك فيما روى المفضل. وذكر قوم أن أول من قاله الحارث بن ظالم. وذكر الأصمعي في الأمثال أن معنى قولهم أسعد أم سعيد: يسأل به عن الشئ أي الأمرين هو؟ أخير أم شر.
الثجير: العكر. الثبرة: الأرض السهلة. الشفيف: البرد. والسبرة: الغداة الباردة. والصنبر: شدة البرد. والقرموص: حفرة يحتفرها الرجل ويدخل فيها من البرد؛ قال الشاعر:
جاء الشتاء ولما أتخذ ربضا ... يا ويح كفى من حفر القراميص