للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

= (كتاب الزَّكَاة) =

هِيَ لُغَة التَّطْهِير والإصلاح والنماء وَشرعا اسْم لما يخرج عَن مَال أَو بدن على وَجه مَخْصُوص وَالْأَصْل فِي وُجُوبهَا قبل الْإِجْمَاع آيَات كَقَوْلِه تَعَالَى {وَآتوا الزَّكَاة} وَقَوله تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} وأخبار كَخَبَر بني الْإِسْلَام على خمس وَهِي نَوْعَانِ زَكَاة بدن وَهِي الْفطْرَة وَزَكَاة مَال وَهِي ضَرْبَان زَكَاة تتَعَلَّق بِالْقيمَةِ وَهِي زَكَاة التِّجَارَة وَزَكَاة تتَعَلَّق بِالْعينِ فِي ثَمَانِيَة أَصْنَاف من أَجنَاس الْأَمْوَال وَهِي زَكَاة الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وَالزَّرْع وَالنَّخْل وَالْكَرم وَلذَلِك وَجَبت لثمانية أَصْنَاف من طَبَقَات النَّاس (وَإِنَّمَا الْفَرْض على من أسلما) أَي إِنَّمَا فرض الزَّكَاة فِي الْأَمْوَال الْآتِيَة على من أسلم وَإِن ارْتَدَّ بعد وُجُوبهَا أَو كَانَ غير مُكَلّف فَلَا تجب على كَافِر أصلى وجوب مُطَالبَة بهَا فِي الدُّنْيَا لَكِن تجب عَلَيْهِ وجوب عِقَاب عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة كَمَا تقرر فِي الْأُصُول وَيسْقط عَنهُ بِالْإِسْلَامِ مَا مضى ترغيبا فِيهِ أما الْمُرْتَد قبل وُجُوبهَا فَإِن عَاد إِلَى الْإِسْلَام لَزِمته لتبين بَقَاء ملكه وَإِن هلك مُرْتَدا فَلَا وَيجزئهُ الْإِخْرَاج فِي حَال الرِّدَّة فِي هَذِه وَالَّتِي قبلهَا نظرا إِلَى جِهَة المَال (حر) كُله أَو بعضه لِأَن ملكه تَامّ على مَا ملكه بِبَعْضِه الْحر وَلِهَذَا يكفر كَالْحرِّ الْمُوسر على مَا سَيَأْتِي ويزكى فطْرَة حُرِّيَّته فَلَا تجب على الرَّقِيق وَلَو مكَاتبا إِذْ ملك الْمكَاتب ضَعِيف وَغَيره لَا ملك لَهُ فَإِن عجز الْمكَاتب صَار مَا بِيَدِهِ لسَيِّده وَابْتِدَاء حوله من حِينَئِذٍ وَإِن عتق ابْتَدَأَ حوله من حِين عتق (معِين) حَتَّى فِي ريع مَا وقف عَلَيْهِ فَلَا تجب على غَيره كالفقراء الْمَوْقُوف عَلَيْهِم ضَيْعَة مثلا فَلَا زَكَاة عَلَيْهِم فِي ريعها كَمَا لَا زَكَاة فِي بَيت المَال من فَيْء وَغَيره وَمَال الْمَسَاجِد والربط وكالحمل فَلَا زَكَاة فِي المَال الْمَوْقُوف لَهُ لِأَنَّهُ غير معِين وَغير موثوق بِوُجُودِهِ وحياته (وَملك تمما) أَي وَالْحَال أَن ملك من ذكر لما يَأْتِي تَامّ فَتجب فِي الضال وَالْمَغْصُوب والمسروق والمجحود والمرهون وَالْغَائِب وَمَا اشْتَرَاهُ قبل قَبضه أَو حبس دونه لَكِن لَا يجب إخْرَاجهَا إِلَّا عِنْد تمكنه مِنْهُ وَفِي كل دين لَازم من نقد وَعرض تِجَارَة لَا مَاشِيَة وَنَحْوهَا فَإِن كَانَ حَالا على ملىء باذل أَو جَاحد عَلَيْهِ بَيِّنَة لزمَه إخْرَاجهَا فِي الْحَال وَإِلَّا فَعِنْدَ الْقُدْرَة على قَبضه كالضال وَنَحْوه وَلَا يمْنَع الدّين وُجُوبهَا وَإِن استغرق النّصاب وَخرج بِملك تَامّ غَيره كنجوم الْكِتَابَة وَجعل الْجعَالَة وَمَال المجحود عَلَيْهِ بفلس إِذا عين الْحَاكِم لكل من غُرَمَائه مِنْهُ شَيْئا وسلطه على أَخذه فَلم يتَّفق الْآخِذ حَتَّى حَال عَلَيْهِ الْحول فَلَا زَكَاة فِيهَا لِأَن الْملك فِيهَا غير تَامّ (فِي إبل وبقر وأغنام) أَي وَهِي النَّعيم مُتَعَلق بقوله الْفَرْض وَإِنَّمَا اخْتصّت بهَا من الْحَيَوَان لِأَنَّهَا تتَّخذ للْمَاء غَالِبا لِكَثْرَة مَنَافِعهَا وللإجماع فَلَا تجب فِي غَيرهَا كالخيل والمتولد من غنم وظباء لخَبر لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فرسه صَدَقَة وَالْأَصْل عدم الْوُجُوب فِي الْمُتَوَلد الْمَذْكُور (بِشَرْط حول) أَي مضيه فِي ملكه لخَبر لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول لَكِن مَا ينْتج من نِصَاب يزكّى بحوله بِأَن وجد فِيهِ فِي ملك شخص ملكه بِسَبَب ملك أَصله كمائة شَاة نتج مِنْهَا إِحْدَى وَعِشْرُونَ فَتجب شَاتَان وكأربعين شَاة ولدت أَرْبَعِينَ ثمَّ مَاتَت وَتمّ حولهَا على النِّتَاج وَالْأَصْل فِي ذَلِك مَا رُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ لساعيه اعْتد عَلَيْهِم بالسخلة وَهُوَ اسْم يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى وَيُوَافِقهُ أَن الْمَعْنى فِي اشْتِرَاط الْحول أَن يحصل النَّمَاء والنتاج نَمَاء عَظِيم فَيتبع الْأُصُول فِي الْحول وَإِن مَاتَت فِيهِ وَلَو زَالَ ملكه فِي الْحول أَو بادل بِمثلِهِ اسْتَأْنف الْحول لانْقِطَاع الْحول بِمَا فعله وَإِن قصد بِهِ الْفِرَار من الزَّكَاة والفرار مِنْهَا مَكْرُوه (ونصاب) كَمَا سَيَأْتِي (واستيام) لَهَا من مَالِكه أَو مِمَّن يخلفه شرعا كوكيل وَولي على مَا يَأْتِي بَيَانه وَالْأَصْل فِي ذَلِك مَا سَيَأْتِي فِي خبر البُخَارِيّ وَفِي صَدَقَة الْغنم (١٨ غَايَة الْبَيَان)

<<  <   >  >>