فَإِن الصَّاع الْمخْرج بِهِ فِي زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكيال مَعْرُوف وَيخْتَلف قدره وزنا باخْتلَاف جنس مَا يخرج كالذرة والحمص وَغَيرهمَا وَالصَّوَاب مَا قَالَه الدارمى أَن الِاعْتِمَاد على الْكَيْل بِصَاع معاير بلصاع الَّذِي كَانَ يخرج بِهِ فِي عصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن لم يجده وَجب عَلَيْهِ أخراج قدر يتيقين انه لَا ينقص عَنهُ وعَلى هَذَا فالتقدير بِخَمْسَة أَرْطَال وَثلث تقريب كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم بقوله (بالأحفان قريب أَربع يدى أنسان) معتدلتين وَهُوَ مُرَاد الرَّوْضَة بكفى رجل وعتدل الْكَفَّيْنِ (وجنسه الْقُوت من المعشر) الَّذِي يجب فِيهِ الْعشْر أَو نصفه (غَالب قوت بلد المطهر) بِفَتْح الْهَاء أَي الْمُؤَدى عَنهُ لَا غَالب قوت الْمُؤَدى اَوْ بَلَده كَثمن الْمَبِيع ولتشوف النُّفُوس إِلَيْهِ وَيخْتَلف ذَلِك باخْتلَاف النواحى فأوفى خبر (صَاعا من تَمرا أَو صَاعا من شعير) لبَيَان الْأَنْوَاع لَا للتَّخْيِير كَمَا فِي آيَة {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} وَإِنَّمَا اعْتبر بلد الْمُؤَدى عَنهُ بِنَاء على أَنَّهَا تجب عَلَيْهِ إبتداء ثمَّ يتحملها الْمُؤَدى وَهُوَ الْأَصَح فَإِن لم يكن فِي بَلَده غَالب أدّى مَا شَاءَ والأعلى أولى فَإِن لم يكن قوت الْبَلَد مجزئا أعتبر أقرب الْبِلَاد إِلَيْهِ فَإِن كَانَ بِقُرْبِهِ بلدان متساويان قوتا من أَيهمَا شَاءَ وَإِذا أَوجَبْنَا غَالب قوت الْبَلَد فَالْمُرَاد قوت السّنة وَفِي معنى المعشر الأقط والجبن وَاللَّبن أَن بقى زبدها لثُبُوت الأقط فِي الْخَبَر الْمَار وَقيس عَلَيْهِ الْجُبْن وَاللَّبن والأقط لبن يَابِس فِيهِ زبدة فَإِن أفسد الْملح جوهره لم يجز وَإِن ظهر عَلَيْهِ وَلم يفْسد وَجب بُلُوغه خَالِصَة صَاعا وَلَا يُجزئ المصل وَهُوَ مَاء الأقط أَو لبن منزوع الزّبد أَو المخيض وَلَا السّمن وَلَا الْقيمَة وَلَا الدَّقِيق والسويق وَالْخبْز وَالْعِنَب وَاللَّحم وَإِن كَانَ قوت الْبَلَد لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي معنى مَا ورد بِهِ النَّص وَيُجزئ الْأَعْلَى عَن الْأَدْنَى وَلَا عكس وتخالف زَكَاة المَال حَيْثُ لَا يُجزئ جنس أَعلَى لتعلقها بِالْمَالِ وَالِاعْتِبَار بِزِيَادَة الاقتيات لَا الْقيمَة فالبر أَعلَى ثمَّ الشّعير ثمَّ الرز ثمَّ التَّمْر ثمَّ الزَّبِيب وَيجوز أخراج الْفطْرَة عَن أحد عبديه أَو قريبيه من قوت وَاجِب وَعَن الآخر أَعلَى مِنْهُ كَمَا يُؤدى لأحد جبرانين شَاتين وَللْآخر عشْرين درهما وَلَا يبعض الصَّاع الْمخْرج عَن وَاحِد وَإِن تعدد الْمُؤَدى كَعبد لأثنين لِأَنَّهُ وَاجِب وَاحِد فَلَا يبعض كالكفارة (وَالْمُسلم الْحر عَلَيْهِ فطرته وفطرة الَّذِي عَلَيْهِ مُؤْنَته) بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْوَاو وَذَلِكَ بِملك وَلَو آبقا ومغصوبا ومؤجرا ومرهونا ومنقطع الْخَبَر مَا لم تَنْتَهِ غيبته إِلَى مُدَّة يحكم بِمَوْتِهِ أَو قرَابَة أَو نِكَاح وَهَذِه الثَّلَاثَة جِهَات التَّحَمُّل بِالشّرطِ الآتى وَخرج بِالْمُسلمِ الْكَافِر الأصلى فَلَا تلْزمهُ فطرته لقَوْله فِي الْخَبَر من الْمُسلمين وَتجب عَلَيْهِ فطْرَة رقيقَة وقريبه وَزَوجته الْمُسلمين بِنَاء على أَنَّهَا تجب على الْمُؤَدى عَنهُ ابْتِدَاء ثمَّ يتحملها عَنهُ الْمُؤَدى وَتجب النِّيَّة على الْكَافِر للتميز لَا لِلْعِبَادَةِ أما الْمُرْتَد ففطرته مَوْقُوفَة كملكه إِن عَاد إِلَى الأسلام وتبينا بَقَاءَهُ فَتجب وَإِلَّا فَلَا خرج بِالْحرِّ الرَّقِيق فَلَا فطْرَة عَلَيْهِ أما غير الْمكَاتب (فلعدم ملكه وفطرته على سَيّده كَمَا افاده كَلَامه قا كَانَ أَو مُدبرا أَو أم ولد أَو مُعَلّق الْعتْق بِصفة وَأما الْمكَاتب فلنصف ملكه وَلَا فطْرَة على سَيّده عَنهُ لنزوله مَعَه منزله وَالْأَجْنَبِيّ واما الْمبعض فَيلْزمهُ مِنْهَا قسط الْحُرِّيَّة وَأَن لم يكن بَينهمَا مُهَايَأَة فَإِن كَانَت فِي المسئلتين اخْتصّت بِمن وَقع زمن وُجُوبهَا فِي نوبَته (واستثن من يكفر ٩ أَي يشْتَرط إِسْلَام الْمُؤَدى عَنهُ فَلَا يلْزم الْمُسلم فطْرَة رقيقَة وقريبه وَزَوجته الْكفَّار وَمِمَّا يسْتَثْنى أَيْضا انه لَا يلْزم الْفَرْع فطْرَة زَوْجَة الأَصْل وَلَا أم وَلَده وَإِن لَزِمته مؤنتهما لِأَن الأَصْل فِي الْمُؤْنَة والفطرة الأَصْل وَهُوَ مُعسر وَلَا فطْرَة على مُعسر بِخِلَاف الْمُؤْنَة فيتحملها الْفَرْع وَلنْ عدم الْفطْرَة لَا يُمكن الزَّوْجَة من الْفَسْخ بِخِلَاف الْمُؤْنَة وَأَنه لَا فطْرَة لرقيق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute