أعمالك من ثَوَاب أَو عِقَاب فَخذ لنَفسك وَانْظُر أَيهمَا ترضاه لنَفسك (الصّلاح) الْمُوجب للفوز بالنعيم الْمُقِيم (أَو فَسَادًا) تسْتَحقّ بِهِ الْعَذَاب الْأَلِيم فِي نَار الْجَحِيم أَو رضَا (أَو سخطا أَو تَقْرِيبًا) من الْجنَّة (أَو إبعادا) بِحَذْف الْهمزَة فيهمَا للوزن عَنْهَا أَو سَعَادَة من الله أَو شقاوة ونعيما مِنْهُ أَو جحيما وَأفَاد بذلك الاغراء بِالنِّسْبَةِ للصلاح وَمَا يُنَاسِبه والتحذير بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفساد وَمَا يُنَاسِبه وَنَظِير اعملو اما شِئْتُم إِنَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير (وزن) أَنْت (بِحكم الشَّرْع كل خاطر) لَك (فان يكن مأموره) وجوبا اَوْ ندبا (فبادر) إِلَى فعله أَو منهى عَنهُ فبادر إِلَى الْكَفّ عَنهُ فَإنَّك إِن توقفت برد الْأَمر وهبت ريح التكاسل (وَلَا تخف) أَي لَا تتْرك الْمَأْمُور بِهِ من صَلَاة أَو غَيرهَا (وَسْوَسَة الشَّيْطَان) فَإنَّك لَا تقدر على صَلَاة بِلَا وَسْوَسَة فقد اجْتهد الأكابر أَن يصلوا رَكْعَتَيْنِ بِلَا وَسْوَسَة من الشَّيْطَان وَحَدِيث النَّفس بِأُمُور الدُّنْيَا فعجزوا وَلَا مطمع فِيهِ لأمثالنا (فانه أَمر من الرَّحْمَن) رَحِمك بِهِ حَيْثُ أخطره ببالك ثمَّ الخاطر الَّذِي من الرَّحْمَن يَنْقَسِم إِلَى ملكى وإلهامى فالملكى مَا يلقيه الْملك الَّذِي على يَمِين الْقلب فِيهِ والالهامى إِيقَاع شئ فِي الْقلب ينشرح لَهُ الصَّدْر وَالْفرق بَينهمَا أَن إِلْقَاء الْملك قد تعارضه النَّفس والشيطان بالوساوس بِخِلَاف الخواطر الإلهية فانها لَا يردهَا شئ بل تنقاد لَهَا النَّفس والشيطان طَوْعًا اَوْ كرها وَإِذا كَانَ الخاطر مُبَاحا كَأَكْل ونوم وَغَيرهمَا فجدد لَهُ نِيَّة صَالِحَة ليصير مَأْمُورا بِهِ كَأَن تنام وَقت القيلولة لتنشط لِلْعِبَادَةِ فِي اللَّيْل كَمَا مر فِي الْمُقدمَة فِي قَوْله لَكِن إِذا نوى بِأَكْلِهِ القوى الْبَيْت (فان تخف وُقُوعه) أَي الْمَأْمُور بِهِ (مِنْك على منهى وصف مثل إعجاب) أَو رِيَاء (فَلَا) يكون ذَلِك مَانِعا لَك من الْمُبَادرَة إِلَيْهِ بل أتم الْأَمر وَاحْترز عَن المنهى عَنهُ وَخرج بقوله وُقُوعه إِيقَاعه بِأَن أوقعته عَلَيْهِ قَاصِدا لَهُ فَإِن ذَلِك محبط للْعَمَل مُوجب للاثم فَاسْتَغْفر الله وَتب إِلَيْهِ مِنْهُ وَقد قَالَ الفضيل بن عِيَاض الْعَمَل لأجل النَّاس شرك وَترك الْعَمَل لأجل النَّاس رِيَاء والاخلاص أَن يعافيك الله مِنْهُمَا (وَإِن يَك استغفارنا يفْتَقر لمثله) أَي لاستغفار مثله لنقصه بغفلة قُلُوبنَا مَعَه بِخِلَاف اسْتِغْفَار الخلص ورابعه العدوية مِنْهُم وَقد قَالَت استغفارنا يحْتَاج إِلَى اسْتِغْفَار هضما لنَفسهَا لَا يُوجب ترك الأستغفار منا الْمَأْمُور بِهِ بِأَن يكون الصمت خيرا مِنْهُ (فإننا نَسْتَغْفِر) وَإِن احْتَاجَ إِلَى الاسْتِغْفَار لِأَن اللِّسَان إِذا ألف ذكرا أَو شكّ أَن يألفه الْقلب فوافقه فِيهِ (فاعمل وداو الْعجب حَيْثُ يخْطر) لَك بِأَن تعلم ظُهُوره من النَّفس (مُسْتَغْفِرًا) الله مِنْهُ إِذا وَقع قصدا (فَإِنَّهُ يكفر) أَي فَإِن ذَلِك كَفَّارَته وَلَا تدع الْعَمَل رَأْسا فَإِنَّهُ من مكايد الشَّيْطَان (وَإِن يكن) الخاطر (مِمَّا نهيت عَنهُ فَهُوَ من الشَّيْطَان) أَي من وسوسته أَو من دسيسة النَّفس الأمارة بالسوء (فاحذرنه) وَالْفرق بَينهمَا أَن خاطر النَّفس لَا ترجع عَنهُ وخاطر الشَّيْطَان قد يَنْقُلهُ إِلَى غَيره إِن صمم الانسان على عدم فعله لِأَن قَصده الاغراء لَا خُصُوص قَضِيَّة مُعينَة (فان تمل) نَفسك (إِلَيْهِ) أَي إِلَى فعله أَو فعلته (كن مُسْتَغْفِرًا) رَبك جلّ وَعلا أَي تَائِبًا إِلَيْهِ خَائفًا وَقد حذف النَّاظِم الْفَاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute