الدَّاخِلَة على الْجَواب من كن للضَّرُورَة عِنْد الْجُمْهُور وَأَجَازَهُ الْمبرد فِي الِاخْتِيَار قَالَ بَعضهم لَا يجوز إِلَّا فِي ضَرُورَة أَو ندور وَيُقَاس بِهَذَا نَظَائِره السَّابِقَة واللاحقة (من ذَنبه) وَلَا تيأس من رَحْمَة الله (عساه أَن يكفرا) بِأَلف الْإِطْلَاق (فَيغْفر الحَدِيث للنَّفس وَمَا هم إِذا لم يعْمل أَو تكلما) بِنَقْل حَرَكَة الْهمزَة إِلَى السَّاكِن قبلهَا وألفه للاطلاق وَمَا يَقع للنَّفس من الْمعْصِيَة لَهُ مَرَاتِب الأولى الهاجس وَهُوَ مَا يلقى فِيهَا وَلَا يُؤْخَذ بِهِ بالاجماع الثَّانِيَة الخاطر وَهُوَ جَرَيَانه فِيهَا وَهُوَ مَرْفُوع أَيْضا الثَّالِثَة حَدِيث النَّفس وَهُوَ ترددها بَين فعل الخاطر الْمَذْكُور وَتَركه وَهُوَ مَرْفُوع أَيْضا الرَّابِعَة الْهم وَهُوَ قصد الْفِعْل وَهُوَ مَرْفُوع أَيْضا لقَوْله تَعَالَى {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ} الْآيَة إِذْ لَو كَانَت مُؤَاخذَة لم يكن الله وليهما وَلخَبَر من هم بسيئة وَلم يعملها لم تكْتب أَي عَلَيْهِ وَخبر أَن الله تَعَالَى تجَاوز لامتى مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم تعْمل أَو تكلم بِهِ وتصنيه أَنه إِذا تكلم كالغيبة أَو عمل كشرب الْخمر انْضَمَّ إِلَى الْمُؤَاخَذَة بذلك مُؤَاخذَة حَدِيث النَّفس والهم بِهِ وَفِي هَذِه الْمرتبَة تفترق الْحَسَنَة والسيئة فَإِن الْحَسَنَة تكْتب لَهُ السَّيئَة لَا تكْتب عَلَيْهِ بِخِلَاف الثَّلَاثَة الأول فانها لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا ثَوَاب وَلَا عِقَاب وَاقْتصر النَّاظِم على هَاتين المرتبتين لوضوح الْأَمر فِي الْأَوليين الْخَامِسَة الْعَزْم وَهُوَ قُوَّة الْقَصْد والجزم بِهِ وَهُوَ مؤاخذ بِهِ لقَوْله تَعَالَى {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} فَجَاهد النَّفس أَي الأمارة بالسوء وجوبا إِذا هَمت بمعصيه الله تَعَالَى (بِأَن لَا تفعلا) لحبها بالطبع مَا نهيت عَنهُ لتطيعك فِي الاجتناب كَمَا تُجَاهِد من يقْصد اغتيالك بل أعظم لِأَنَّهَا تقصد لَك الْهَلَاك الأبدي باستدراجها لَك من مَعْصِيّة إِلَى أُخْرَى حَتَّى توقعك فِيمَا يؤديك إِلَى ذَلِك فَإِنَّهَا أكبر أعدائك وَفِي الْخَبَر أعدى عَدوك نَفسك الَّتِى بَين جنبيك ط وَقَالَ بَعضهم معالجة الْمعْصِيَة إِذا خطرت حَتَّى لَا تقع أَهْون من معالجة التَّوْبَة حَتَّى لَا تقبل لِأَن ذَلِك بكف النَّفس وَالتَّوْبَة بالندم والأسف والبكاء ثمَّ لَا يدرى أَقبلت تَوْبَته أم لَا (فان فعلت) الخاطر الْمَذْكُور لغَلَبَة الأمارة عَلَيْك (فتب) على الْفَوْر وجوبا (واقلع) عَن الْمعْصِيَة (عَاجلا) ليرتفع عَنْك إِثْم فعله بِالتَّوْبَةِ الَّتِى وعد الله بقبولها فضلا مِنْهُ وَبِمَا يتَحَقَّق بِهِ الإقلاع كَمَا سيأتى وَقبُول التَّوْبَة من الْكفْر قطعى وَمن الْمعْصِيَة ظنى على الْأَصَح وَالْوَاقِع فِي الْمعْصِيَة إِن كَانَ لاهيا عَن النهى والوعيد فَهُوَ من الَّذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم وَإِن ستحضر النهى والوعيد وأقدم عَلَيْهَا تجريا فَهُوَ هَالك أَو تسويفا فمغرور لتَركه مَا وَجب عَلَيْهِ وتعلقه بِمَا لَا يقدر عَلَيْهِ وَهُوَ التَّوْبَة والنفوس ثَلَاثَة الأولى الأمارة وهى أشرهن الثَّانِيَة اللوامة الَّتِى يَقع مِنْهَا الشَّرّ لَكِنَّهَا تساء بِهِ وتلوم عَلَيْهِ وتسر بِالْحَسَنَة الثَّالِثَة المطمئنة الَّتِى أطمأنت إِلَى الطَّاعَة وَلم تواقع الْمعْصِيَة (وَحَيْثُ لَا تقلع) من فعل الخاطر الْمَذْكُور (لاستلذاذ) بِهِ الشَّيْطَان وَبَقَاء حلاوته فِي قَلْبك يَدْعُوك إِلَيْهِ (أوكسل) عَن الْخُرُوج مِنْهُ (يَدْعُوك) إِلَى ترك الْعَمَل وَيكون ذَلِك (باستحواذ) الشَّيْطَان عَلَيْك فالباء سَبَبِيَّة (فاذكر هجوم هاذم اللَّذَّات وفجأة الزَّوَال والفوات) للتَّوْبَة وَغَيرهَا من الطَّاعَات فان تذكر ذَلِك باعث شَدِيد على الإقلاع عَمَّا يستلذ بِهِ أَو مَا يكسل عَن الْخُرُوج مِنْهُ لخَبر أَكْثرُوا من ذكر هاذم اللَّذَّات فانه مَا ذكره أحد فِي ضيق إِلَّا وَسعه وَلَا ذكره أحد فِي سَعَة إِلَّا ضيقها عَلَيْهِ وهاذم اللَّذَّات ابالذال الْمُعْجَمَة أَي قَاطع (وَأعْرض التَّوْبَة وهى النَّدَم على ارْتِكَاب مَا عَلَيْك يحرم) من حَيْثُ أَنه محرم فالندم على شرب الْخمر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute