للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لإضراره بِالْبدنِ لَيْسَ بتوبة (تحقيقها) أَي التَّوْبَة (إقلاعه) عَن الْمعْصِيَة بالندم عَلَيْهَا لِأَنَّهُ روحها الَّذِي تحيا بِهِ وركنها الْأَعْظَم (فِي الْحَال) من غير تَأْخِير (وعزم ترك الْعود فِي أستقبال) كَمَا لَا يعود اللَّبن إِلَى الضَّرع بعد أَن يخرج مِنْهُ هَذِه هى التَّوْبَة النصوح فان قلت إِنَّمَا يمنعنى من التَّوْبَة أَنى أعلم من نَفسِي أَنى أَعُود إِلَى الذَّنب وَلَا أثبت على التَّوْبَة فَلَا فَائِدَة فِي ذَلِك فَاعْلَم أَن هَذَا كَمَا قَالَ الغزالى من غرور الشَّيْطَان فَمن أَيْن لَك هَذَا الْعلم فَعَسَى أَن تَمُوت تَائِبًا قبل معاودة الذَّنب واما خوف الْعود فَعَلَيْك الْعَزْم والصدق فِي ذَلِك فبذلك تتخلص من ألم الذَّنب وَتَكون بَين إِحْدَى الحسنيين وَالله ولى التَّوْفِيق وَالْهِدَايَة (وَإِن تعلّقت بِحَق آدمى) وهى أنكل وأصعب من غَيرهَا (لَا بُد) فِيهَا (من تبرئة للذمم) سَوَاء أَكَانَت فِي مَال ام نفس أم عرض أم حُرْمَة أم دين فَمَا كَانَ فِي المَال فَيجب أَن يردهُ إِلَى مَالِكه أَو من يقوم مقَامه من ولى أَو وَصِيّ أَو غَيرهمَا وَمَا كَانَ فِي نفس فَيمكن الْمُسْتَحق من الْقصاص إِن أَرَادَهُ وَإِلَّا فيحلله وَمَا كَانَ فِي عرض كغيبة أَو شتم فحقك أَن تكذب نَفسك بَين يدى من فعلت ذَلِك عِنْده وتستحل من صَاحبه أَن أمكنك إِن لم تخش هيجان فتْنَة وَإِلَّا فالرجوع إِلَى الله تَعَالَى ليرضيه عَنْك وَالِاسْتِغْفَار الْكثير لصَاحبه وَمَا كَانَ فِي حرمه بِأَن خنته فِي اهله أَو وَلَده أَو أمته أَو نَحْوهَا فَلَا وَجه للاستحال والاظهار فانه يُولد فتْنَة وحقدا فِي الْقُلُوب بل تتضرع إِلَى الله تَعَالَى ليرضيه عَنْك وَيجْعَل لَهُ خيرا فِي مُقَابلَته فان أمنت الْفِتْنَة وهيجانها وَهُوَ نَادِر فتستحل مِنْهُ وَمَا كَانَ فِي الدّين بِأَن كفرته أَو بدعته أَو ضللته فِي دينه فَهُوَ أصعب فتحتاج إِلَى تَكْذِيب نَفسك بَين يدى من قلت لَهُ ذَلِك أَو تستحل من صَاحبه أَن أمكنك وَإِلَّا فلابتهال إِلَى الله تَعَالَى ليرضيه عَنْك والندم على فعله (وواجب) عَلَيْك (إِعْلَامه) أَي الْمُسْتَحق بِمَا وَجب لَهُ عَلَيْك (إِن جهلا) بِأَلف الاطلاق أَي اسْتِحْقَاقه بِأَن تعترف عِنْد ولى الدَّم مثلا وتحكمه فِي نَفسك فان شَاءَ عَفا عَنْك وَإِن شَاءَ قَتلك وَلَا يجوز لَك الأخفاء بِخِلَاف مَا لَو زنى أَو شرب أَو بَاشر مَا يجب فِيهِ حد الله تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يلْزمه أَن يفضح نَفسه بل عَلَيْهِ أَن يَسْتُرهَا (فان يغب) أَي الْمُسْتَحق عَن الْبَلَد فَابْعَثْ إِلَيْهِ أَي ابْعَثْ لَهُ مَا يسْتَحقّهُ فِي ذِمَّتك أَو مَا يحصل بِهِ الْإِبْرَاء (عجلا) بِلَا تَأْخِير فان انْقَطع خَبره رفع أمره إِلَى قَاض مرضى (فان يمت) الْمُسْتَحق (فَهِيَ) أَي الظلامة أَو تبرئة ذِمَّتك (لوَارث ترى) أَي تعلمه بِدفع الْحق أَو إبرائه إياك مِنْهُ (فان لم يكن) لَهُ وَارِث أَو انْقَطع خَبره فادفعه إِلَى قَاض تعرف سيرته وديانته فان تعذر الْحَاكِم المرضي (فأعطها للفقرا) صَدَقَة عَن الْمُسْتَحق وَلَا تخْتَص بِالصَّدَقَةِ كَمَا قَالَه الأسنوي بل هُوَ مُخَيّر بَين دَفعهَا لمصَالح الْمُسلمين وَدفعهَا إِلَى قَاض بِشَرْطِهِ لتصرف فِي الْمصَالح إِن وجده وَبَين التَّصَدُّق بهَا عَن الْمُسْتَحق (مَعَ نِيَّة الْغرم لَهُ) أَي للْمَالِك إِن قدر عَلَيْهِ أَو على وَارثه وَقدر على وفائه فان كَانَ مُعسرا نوى الْغرم (إِذا حضر) أَي قدر على ذَلِك أَو شَيْء مِنْهُ وَإِن لم يُمكن شَيْء من ذَلِك فليكثر من الْحَسَنَات ليَأْخُذ مِنْهَا عوضا عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة وَيكثر الرُّجُوع إِلَى الله بالتضرع والابتهال إِلَيْهِ ليرضى خَصمه عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة ويعوضه عَنهُ (ومعسر ينوى الأدا إِذا قدر) كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ (وَإِن يمت) من عَلَيْهِ الظلامة (من قبلهَا) أَي استيفائها (ترجى لَهُ مغْفرَة الله أَن تناله) الْمَغْفِرَة قَالَ النورى ظواهر السّنة الصَّحِيحَة تَقْتَضِي ثُبُوت الْمُطَالبَة بالظلامة وَإِن مَاتَ مُعسرا عَاجِزا

<<  <   >  >>