إِذا كَانَ عَاصِيا بالتزامه فَأَما إِذا اسْتَدَانَ فِي مُبَاح وَاسْتمرّ عَجزه عَن وفائه أَو أتلف شَيْئا خطأ وَعجز عَن غرامته فَالظَّاهِر أَن لَا مُطَالبَة عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة إِذْ لَا مَعْصِيّة والمرجو من فَضله تَعَالَى تعويض الْمُسْتَحق (وَأَن تصح تَوْبَة) أَي تعرية عبد من ذَنْب (وانتقضت بالذنب) وَلَو كَبِيرا (لَا يضر صِحَة مَضَت وَتجب التَّوْبَة) لقَوْله تَعَالَى {وتوبوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تفلحون} من صغيره فِي الْحَال كالوجوب من كبيره ارتكبها (وَلَو على ذَنْب سواهُ قد أصر) أَي تجب التَّوْبَة وَتَصِح عَن ذَنْب مَعَ الاصرار على ذَنْب آخر (لَكِن بهَا يصفو عَن الْقلب الكدر) أَي من كدورات الْمعْصِيَة لَكِن التصفية من سَائِر الْمعاصِي من أَوْصَاف كَمَال التَّوْبَة لَا من شُرُوطهَا (وواجب) على الْمُكَلف (فِي الْفِعْل إِذْ قد تشكك) فِيمَا خطر فِي سره (أمرت أَو نهيت) أَي أهوَ مِمَّا أَمر بِهِ أَو نهى (عَنهُ تمسك) عَن فعله حذرا من الْوُقُوع فِي المنهى عَنهُ إِذا كَانَ الْأَمر أَمر إِبَاحَة وَالنَّهْي نهي تَحْرِيم فان اشتبها غلب التَّحْرِيم (وَالْخَيْر وَالشَّر مَعًا تجديده) أَي وُقُوع كل مِنْهُمَا (بِقدر الله) تَعَالَى (كَمَا يُريدهُ) وَالْمرَاد بِالْقدرِ مَا قدره الله وقضاه وَكتبه فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَسبق بِهِ علمه وإرادته فَكل ذَلِك فِي الْأَزَل مَعْلُوم لَهُ تَعَالَى (وَهُوَ) لَا غَيره (الَّذِي أبدع فعل المكتسب وَالْكَسْب) ثَابت (للْعَبد مجَازًا ينتسب) لَهُ أما الْفَاعِل حَقِيقَة فَهُوَ الله تَعَالَى فافعله لنا تنْسب لنا كسبا وَللَّه خلقا قَالَ الله تَعَالَى {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} وَقَالَ {هَل من خَالق غير الله} فالخير مِنْهُ وَالشَّر كَذَلِك وَإِن كَانَ لَا ينْسب لَهُ أدبا فَالله تَعَالَى خَالق غير مكتسب وَالْعَبْد مكتسب غير خَالق فيثاب ويعاقب على مَا اكْتَسبهُ الَّذِي يخلقه الله عقب قَصده لَهُ (وَاخْتلفُوا فرجح التَّوَكُّل) وَهُوَ حَقِيقَة الْكَفّ عَن الأكتساب والاعراض عَن الْأَسْبَاب اعْتِمَادًا على الله تَعَالَى (وَآخَرُونَ) قَالُوا (الِاكْتِسَاب أفضل) لَا لجمع المَال واعتقاد أَنه يجلب الرزق وتجر النَّفْع بل لِأَنَّهُ من النَّوَافِل الَّتِي أَمر الله بهَا فِي قَوْله {وابتغوا من فضل الله} وَطلب التعاون بِالْمُسْلِمين والرفق بهم (و) القَوْل (الثَّالِث) وَهُوَ (الْمُخْتَار أَن يفصلا وباختلاف النَّاس أَن ينزل من طَاعَة الله تَعَالَى) على طَاعَة غَيره (آثرا لَا ساخطا إِن رزقه تعسرا) أَي لم يسْخط إِذا تعسر عَلَيْهِ رزقه (وَلم يكن مستشرفا للرزق من أحد) من النَّاس (بل) يَطْلُبهُ (من إِلَه الْخلق) فَلَا ينزل حَاجته إِلَّا بِهِ وَلَا يرفعها إِلَّا إِلَيْهِ (فان ذَا فِي حَقه التَّوَكُّل أولى وَإِلَّا) أَي وَأما من يسْخط عِنْد تعسر رزقه أَو اضْطِرَاب قلبه أَو تشوف لما فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute