للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيدي النَّاس (الِاكْتِسَاب أفضل) أَي فالكسب لَهُ أرجح وَفِي هَذَا جمع بَين اخْتِلَاف الْأَدِلَّة (وطالب التَّجْرِيد) من الْأَسْبَاب الشاغلة عَن الله تَعَالَى (وَهُوَ) قد أَقَامَهُ (فِي السَّبَب) كالحرف والبياعات الَّتِي يصون بهَا وَجهه عَن الايتذال بالسؤال وحفظا لعزة نَفسه عَن منن المخلوقين إِذْ لَا يمن عَلَيْك أحد اشْترى مِنْك أَو استأجرك على عمل شَيْء لَهُ وَفِي الْقيام بالأسباب رَحْمَة للمتجردين عَنْهَا المتوجهين لطاعة رَبهم فلولا قيام أهل الْأَسْبَاب لما صَحَّ لصَاحب الْخلْوَة خلوته ومجاهدته لعبادة ربه فانه تَعَالَى جعل أهل الْأَسْبَاب كالخدمة للمقبلين عَلَيْهِ فَطلب التَّجْرِيد مَعَ قِيَامه فِي السَّبَب (خفى شَهْوَة) أَي من الشَّهْوَة الْخفية الَّتِي (دعت) إِلَى الرَّاحَة (فليجتنب) ذَلِك (وَذُو تجرد) أَي من أَقَامَهُ الله تَعَالَى فِي التَّجْرِيد عَمَّا يشْغلهُ عَن الله تَعَالَى (لأسباب سَأَلَ) أَي طلب الدُّخُول فِيهَا والاهتمام لتحصيلها (فَهُوَ الَّذِي عَن ذرْوَة الْعِزّ) الْعلية (نزل) إِلَى الرُّتْبَة الدنية وَسَوَاء الْأَب مَعَ الله تَعَالَى (وَالْحق) الْأَصْلَح لَك (أَن تمكث حَيْثُ أنزلك) أَي أقامك فِيهِ وارتضاه لَك (حَتَّى يكون الْحق) جلّ وَعلا (عَنهُ نقلك) وَتَوَلَّى إخراجك مِمَّا أَنْت فِيهِ (قصد الْعَدو) اللعين (طرح جَانب الله فِي صُورَة الْأَسْبَاب مِنْك أبداه) فيأتيك فِيمَا أَنْت فِيهِ فيحقره عنْدك فيتشوش قَلْبك ويتكدر وقتك وَذَلِكَ أَنه يَأْتِي للمتسببين فَيَقُول لَهُم لَو تركْتُم الْأَسْبَاب وتجردتم لأشرقت لكم الْأَنْوَار ولصفت مِنْكُم الْقُلُوب والأسرار وَيكون صَلَاحه فِيمَا هُوَ فِيهِ فيتركها فيتزلزل إيمَانه وَيذْهب إيقانه وَيتَوَجَّهُ إِلَى الطّلب من الْخلق والاهتمام للرزق وَكَذَلِكَ يَأْتِي للمتجردين وَيَقُول إِلَى مَتى تتركون الْأَسْبَاب ألم تعلمُوا أَن ذَلِك يطْمع الْقُلُوب فِيمَا بأيدي النَّاس فَلَو دخلت فِي الْأَسْبَاب بَقِي غَيْرك منتظرا لما يفتح عَلَيْهِ مِنْك وَكَانَ خيرا لَك من أَن تكون منتظرا مِمَّا يفتح بِهِ عَلَيْك من غَيْرك فتتكدر عَلَيْهِ أَحْوَاله (أَو لتماهن) وَهُوَ الاحتقار وَالصغَار وَالْعجز أَي وَمن مكايد الْعَدو وتلبيسه أَن يحث الْمقبل على الله تَعَالَى بِالطَّاعَةِ على ترك جَانب الله وَتَركه الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة موهما بتلبيسه أَن هَذَا مقَام التَّوَكُّل على الله وَفتح بَاب الرَّجَاء وَحسن الظَّن بربه وَإِنَّمَا هُوَ عجز ومهانة (مَعَ التكاسل) وَهُوَ طلب الرَّاحَة (أظهره فِي صُورَة التَّوَكُّل) فَيفْسد حَاله (من وفْق الله تَعَالَى يلهم الْبَحْث عَن هذَيْن) الْأَمريْنِ اللَّذين يَأْتِي بهما الشَّيْطَان فِي صُورَة غَيرهمَا كيدا مِنْهُ لَعَلَّه أَن يسلم مِنْهُمَا وَمن تمويهه واغتياله ومكايده أعاذنا الله تَعَالَى مِنْهَا وَالْمُسْلِمين من ذَلِك (ثمَّ يعلم) مَعَ بَحثه عَنْهُمَا (أَن لَا يكون) فِي ملكه تَعَالَى (غير مَا يَشَاء) وَيُرِيد (فَعلمنَا إِن لم يرد هباء) منثور وَيفْعل بعباده مَا يَشَاء وَيحكم بِمَا يُرِيد سَوَاء أَكَانَ أصلح لَهُم أم لم يكن لِأَن الْخلق خلقه وَالْأَمر أمره وَلَا يسئل

<<  <   >  >>