السَّبَب وَإِن كَانُوا يتيقنون أَن الله هُوَ الرَّزَّاق
وَهَذَا نَظِير الْخلق فَإِن الله تَعَالَى هُوَ الْخَالِق قد يخلق لَا من سَبَب وَلَا فِي سَبَب كَمَا خلق آدم صلوَات الله عَلَيْهِ وَقد يخلق لَا من سَبَب فِي سَبَب كَمَا خلق عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقد يخلق من سَبَب فِي سَبَب كَمَا قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} الْآيَة وَقد أَمر الله تَعَالَى بِالنِّكَاحِ وَطلب الْوَلَد لَا يَنْفِي يَقِين العَبْد بِأَن الْخَالِق هُوَ الله تَعَالَى فَكَذَا أَمر الرزق ليعلم من يزْعم أَن حَقِيقَة التَّوَكُّل فِي ترك الْكسْب فَهُوَ مُخَالف للشريعة وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله للسَّائِل الَّذِي قَالَ أرسل نَاقَتي وَأَتَوَكَّل فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا بل اعقلها وتوكل
وَنَظِير هَذَا الدُّعَاء فقد أمرنَا بِهِ قَالَ الله تَعَالَى {واسألوا الله من فَضله} وَمَعْلُوم أَن مَا قدر لكل أحد فَهُوَ يَأْتِيهِ لَا محَالة ثمَّ أحد لَا ينظر بِهَذَا إِلَى ترك السُّؤَال وَالدُّعَاء من الله تَعَالَى والأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام كَانُوا يسْأَلُون الْجنَّة مَعَ علمهمْ أَن الله يدخلهم الْجنَّة وَقد وعد لَهُم ذَلِك وَهُوَ {لَا يخلف الميعاد} وَقد كَانُوا يأمنون الْعَاقِبَة ثمَّ كَانُوا يسْأَلُون الله تَعَالَى ذَلِك فِي دُعَائِهِمْ
وَكَذَا أَمر الشِّفَاء فالشافي هُوَ الله تَعَالَى وَقد أمرنَا بالمداواة قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تداووا عباد الله فَإِن الله تَعَالَى مَا خلق دَاء إِلَّا خلق