للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَثَانِي بَاطِل لِأَن مَا يكون فرضا فِي وَقت مَخْصُوص شرعا يكون مُضَافا إِلَى ذَلِك الْوَقْت كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَلم يرد الشَّرْع بِإِضَافَة الْكسْب إِلَى وَقت مَخْصُوص ثمَّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون فرضا لرغبة النَّاس إِلَيْهِ أَو للضَّرُورَة

وَالْأول بَاطِل فَإِن الرَّغْبَة ثَابِتَة فِي جَمِيع مَا فِي الدُّنْيَا من الْأَمْوَال وَأحد لَا يَقُول يفترض على كل أحد تَحْصِيل جَمِيع ذَلِك

وَالثَّانِي بَاطِل أَيْضا فَإِن مَا يفترض للضَّرُورَة إِنَّمَا يفترض عِنْد تحقق الضَّرُورَة وَبعد تحقق الضَّرُورَة يعجز عَن الْكسْب فَكيف يتَأَخَّر فرضيته إِلَى حَال عَجزه وَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يفترض جَمِيع أَنْوَاعه أَو نوع مَخْصُوص مِنْهُ

وَالْأول بَاطِل لِأَن لَيْسَ فِي وسع أحد من الْبشر مُبَاشرَة جَمِيع أَنْوَاعه وَلَا يعلم ذَلِك فَإِن عمره يفنى قبل أَن يتَعَلَّم ذَلِك

وَالثَّانِي بَاطِل لِأَن لَيْسَ بعض الْأَنْوَاع بتخصيصه بالفريضة بِأولى من بعض وَلَا يَخْلُو إِمَّا يفترض على جَمِيع النَّاس أَو على بَعضهم

وَالْأول بَاطِل فَإِن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام مَا اشتغلوا بِالْكَسْبِ فِي عَامَّة أوقاتهم وَكَذَا أَعْلَام الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَمن بعدهمْ من الأخيار لَا يظنّ بهم أَنهم اجْتَمعُوا على ترك مَا هُوَ فرض عَلَيْهِم

وَالثَّانِي بَاطِل لِأَن لَيْسَ بعض النَّاس بتخصيصه بِهَذِهِ الْفَرِيضَة بِأولى من الْبَعْض

فَتبين أَن الْكسْب لَيْسَ بِفَرْض أصلا وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه لَو كَانَ أَصله فرضا لَكَانَ الاستكثار مِنْهُ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ أَو كَانَ نفلا بِمَنْزِلَة الْعِبَادَات والاستكثار مِنْهُ مَذْمُوم كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا لعب وَلَهو} إِلَى قَوْله تَعَالَى {عَذَاب شَدِيد} وَبِهَذَا الْحَرْف يَقع الْفرق بَينه وَبَين طلب

<<  <   >  >>