وَهُوَ النّظر الأول الَّذِي هُوَ أول الْوَاجِبَات عِنْد الْبلُوغ على الْخلاف هَل هُوَ أول الوجبات أم لَا وعَلى جَمِيع الْأَقْوَال يَسْتَحِيل فِيهِ أَن يكون وَقع قربه لله تَعَالَى ويقصد بِهِ التَّقَرُّب
وَهَا هُنَا ورد السُّؤَال الثَّالِث الْمَذْكُور فِي أول الْكتاب
فَقيل كَيفَ يتَعَذَّر التَّقَرُّب بِهِ مَعَ أَن غَايَة النَّاظر ان يشك فِي أَن لَهُ صانعا أوجب عَلَيْهِ النّظر أم لَا وَهل هَذَا النّظر وَاجِب عَلَيْهِ أم لَا وَإِذا كَانَ غَايَته الشَّك وَالشَّكّ لَا يمْنَع من قصد التَّقَرُّب لوُقُوعه فِي الشَّرِيعَة فِي عدَّة مَوَاضِع بِالْإِجْمَاع كمن شكّ هَل صلى أم لَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَيَنْوِي بِتِلْكَ الصَّلَاة الْوَاقِعَة مَعَ الشَّك فِي وُجُوبهَا وينويها قربَة لله تَعَالَى وَكَذَلِكَ من نسى صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة لَا يدْرِي عينهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي خمس صلوَات وَيَنْوِي بهَا التَّقَرُّب مَعَ الشَّك فِي وجوب كل وَاحِدَة مِنْهَا عَلَيْهِ وَقد تقدم بسط هَذَا فِي أول الْكتاب
فَعلم الشَّك لَا يُنَافِي التَّقَرُّب فَيكون مَا أجمع عَلَيْهِ النَّاس من ان النّظر الأول لَا يُمكن ان يَنْوِي بِهِ التَّقَرُّب بَاطِل
وَالْجَوَاب ان الله تَعَالَى شرع الْأَحْكَام وَشرع لكل حكم سَببا وَقد يكون للسبب الْوَاحِد أَحْكَام كَثِيرَة كَمَا أَن لالتقاء الختانين نَحْو السِّتين حكما بسطتها فِي كتاب الذَّخِيرَة وَقد يكون للْحكم