وَهُؤُلاءِ الأَئِمَّةُ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْهُ هُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي الآفَاقِ، إِنَّمَا سَمِعُوا عَنْهُ وَرَوَوْا عَنْهُ بَعْدَ اسْتِمَاعِهِمْ غِنَاءَهُ، وَعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُم يُبِيحُهُ، وَفِيهِمُ الْإِمَامُ الْمُسْتَخْلَفُ عَلَى الأُمَّةِ وَالإِمَامُ الْمُقْتَدَى بِهِ فِي الْوَرَعِ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ / غِنَاءَهُ بِبَغْدَادَ بَعْدَ حَلِفِهِ. وَلا أَشُكُّ أَنَّ أَحْمَدَ سَمِعَ غِنَاءَهُ ثُمَّ سَمِعَ حَدِيثَهُ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَرِدْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي تَحْلِيلِهِ وَلا فِي تَحْرِيمِهِ نَصٌّ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ. فَكَانَ حُكْمُهُ الإِبَاحَةَ وَإِنِّمَا تَرَكَهُ مَنْ تَرَكَهُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ تَوَرُّعًا كَمَا تَرَكُوا لُبْسَ اللَّيِّنِ، وَأَكْلَ الطَّيِّبِ وَشُرْبَ الْبَارِدِ وَالاسْتِمَتَاعَ بِالنِّسْوَانِ الْحِسَانِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ حَلالٌ لِفَاعِلِهِ، وَقَدْ تَرَكَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَكْلَ، الضَّبِ وَسُئِلَ عَنْهُ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا. وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي وَأُخِذَ وَأُكِلَ بَين يَدَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ بَعْدَ هَذَا الصَّدْرِ فَغَلَّظُوا الْقَوْلَ فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِهِ عَمَّا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ بَعْدَ هُؤُلاءِ فَحَرَّمُوهُ جَهْلا وَتَقَرُّبًا إِلَى الْعَامَّةِ بِالزُّهْدِ وَالصَّلاحِ، وَلَمْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَةِ عِلْمِهِ. وَبَدْءِ أَمْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الرَّازِقِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصُّوفِيُّ بِأَصْبَهَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا /: أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ ابْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ إِجَازَةً قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد ابْن زِيَادِ بْنِ الأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ نَصْرٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ حَدَّثَنِي مِكْتَلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ عَن أبي بكر ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الْحَارِث ابْن هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ اجْتَمَعُوا عَلَى شَيْءٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ سنة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute