للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي تواطؤ أَئِمَّة الْأُصُول إِذْ هِيَ أوضاع عرفية والمناط مصدر ميمي من أناط الشَّيْء إناطة ومناطا والمناط سَار اسْما بِمَا يعلق عَلَيْهِ الشَّيْء وَلما كَانَت الْعلَّة تعلق بهَا الْأَحْكَام سميت منَاط الحكم وَلما كَانَت الْمُنَاسبَة تستنبط بهَا عِلّة تسمى الْوَصْف الْمُنَاسب للْحكم بَينهَا بقوله

ثمَّ هِيَ التَّعْيِين للأوصاف

بِغَيْر مَا مر من الْأَطْرَاف ... بل كَونهَا ذاتية كالشدة

للخمر فِي الحكم لَهُ بِالْحُرْمَةِ

وَقَوله التَّعْيِين للأوصاف كالجنس يدْخل فِيهِ سَائِر مسالك الْعلَّة وَمرَاده بالأوصاف اللُّغَوِيَّة ليشْمل مَا يصلح لِلْعِلَّةِ من الحكم الشَّرْعِيّ وَغَيره وَقَوله بِغَيْر مَا مر كالفصل لأخراج مَا مر من تعْيين الْعلَّة بالسبر مَعَ التَّقْسِيم أَو بِالنَّصِّ وَلما كَانَ لَا يخرج مَا سَيَأْتِي من الشّبَه والطرد قَالَ بل بِكَوْنِهَا ذاتية أَي بِكَوْن الْمُنَاسبَة ذاتية بالمناسب فَخرج بِهَذَا الْقَيْد جَمِيع المسالك من نَص وَإِجْمَاع وَغَيرهمَا وَلذَا عبر ب بل إِذْ تعْيين الْعلَّة فِي كل مَا ذكر لَيست بالمناسبة بل بغَيْرهَا وَالْمرَاد بالمناسبة الملاءمة فِي أنظار الْعُقَلَاء للْحكم وَقد أوضح المُرَاد بالمثال تَنْبِيها على أَن التَّعْرِيف كالتقريب لتصوير الْمُنَاسبَة وَإِلَّا فَإِن تعْيين الْأَوْصَاف لَيْسَ هُوَ الْمُنَاسبَة قطعا إِذا عرفت هَذَا فالشدة المسكرة فِي الْخمر وصف مُنَاسِب لتعليق الحكم عَلَيْهِ فَإِن من نظر فِي الْمُسكر وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ من إِزَالَة الْعقل الْمُتَعَيّن حفظه فِي كل مِلَّة ظهر لَهُ مُنَاسبَة تَعْلِيق الحكم على ذَلِك الْوَصْف وَهَذَا هُوَ الاستنباط القياسي الَّذِي عظم فِيهِ الْخلاف وَأنْكرهُ الظَّاهِرِيَّة وَغَيرهم من نفاة الْقيَاس وَلما كَانَ الْوَصْف الْمُنَاسب لَا يعْتَبر مُطلقًا بل إِذا تجرد عَمَّا يفِيدهُ قَوْلنَا

وَاعْلَم هديت أَنَّهَا تنخرم

إِن كَانَ عَن إثْبَاته يسلتزم ... مفْسدَة ترجح أَو تَسَاوِي

<<  <   >  >>