للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كافرهم ومؤمنهم وَأهل الأقطار قاطبة يمدحون المحسن ويذمون الْمُسِيء بعقولهم من دون معرفَة الشَّرَائِع بل من ميز من الصّبيان مدح من أحسن وذم من أَسَاءَ وَهل مدح أهل الْجَاهِلِيَّة لحاتم إِلَّا لإحسانه وَكَرمه الَّذِي أدْركْت عُقُولهمْ حسنه وَهل ذموا مادرا فِي جاهليتهم إِلَّا لبخله الَّذِي أدْركْت عُقُولهمْ قبحه وَهل مدحوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جاهليتهم قبل بعثته وسموه الصَّادِق الْأمين إِلَّا لِأَنَّهَا أدْركْت عُقُولهمْ حسن الصدْق وَأَنه يمدح من اتّصف بِهِ وَهل ذموا عرقوبا إِلَّا لكذبه وَخلف مواعيده الَّتِي أدركوا بعقولهم قبحه ثمَّ جَاءَ الْإِسْلَام مقررا لهَذِهِ الْفطْرَة السليمة لَا يُنَازع فِيهَا أحد حَتَّى تفرق أهل الْإِسْلَام شيعًا كَمَا تَفَرَّقت الْأُمَم ونشأت العداوات وشب التعصب وشاخ الْإِنْصَاف بل مَاتَ فَقَالَ فرقة من الأشعرية نَحن نسلم أَن الْعقل يدْرك الْحسن وَهُوَ صفة كَمَال وَيدْرك الْقَبِيح وَهُوَ صفة نقص فحاتم متصف بِصفة كَمَال عقلا ومادر متصف بِصفة نقص عقال وَقد اعْترف محققوهم بِأَن صفة النَّقْص هِيَ الْقبْح الْعقلِيّ لما أورد عَلَيْهِم مخالوفهم أَنه حَيْثُ لَا يدْرك الْعقل حسنا وَلَا قبحا فَيجوز أَن يبْعَث الله رسلًا كَذَّابين فَقَالُوا هَذِه صفة نقص لَا تجوز على الله قُلْنَا وافقتم من خالفتم فِي إِثْبَات الْقبْح الْعقلِيّ فَلم يَجدوا جَوَابا لكِنهمْ قَالُوا

إِنَّكُم أَيهَا الطوائف الَّذين أَبَيْتُم الْحسن والقبح عقلا قُلْتُمْ إِن الْعقل يدْرك حكم من اتّصف بالْحسنِ وَأَنه يسْتَحق الْمَدْح عَاجلا والإثابة آجلا وَيدْرك أَن من اتّصف بالقبيح يسْتَحق الذَّم عَاجلا وَالْعِقَاب آجلا ونسبتم إِلَى الْعقل إِدْرَاكه لهذين الْأَمريْنِ وَنحن نخالفكم ونقول لَا يعرف الْعقل إِلَّا أَن المحسن اتّصف بِصفة كَمَال والمسيء اتّصف بِصفة نقص فَلَمَّا خلطوا فِي مَحل النزاع زِيَادَة الْمَدْح عَاجلا والإثابة آجلا انْفَتح بَاب الْجِدَال وَجَاءَت جيوش كل قَبيلَة وَقَالَ وشنت الأشعرية على الْمُعْتَزلَة الغارات وَأتوا بدقائق الْعبارَات وقبائح الإلزامات فشمر الْمُعْتَزلَة وَمن إِلَيْهِم السَّاق ونشروا ألوية الْحَرْب والشقاق وَجَاء الْمُتَأَخّرُونَ من المثبتين فقلدوا فِي تَحْرِير مَحل النزاع النافين وَذَلِكَ كمؤلف شرح غَايَة السُّؤَال وَمن قبله مؤلف الْفُصُول وَغَيرهم

<<  <   >  >>