للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْله لَا إِلَه إِلَّا الله للتوحيد أَي وضع لإفادته وَمَعْنَاهُ النَّفْي وَالْإِثْبَات فَلَو كَانَ تكلما بِالْبَاقِي لَكَانَ نفيا لغيره أَي نفيا لما سوى الله تَعَالَى لِأَنَّهُ هُوَ الْبَاقِي بعد الِاسْتِثْنَاء لإثباته للألوهية لله فَيصح من كَونهَا كلمة التَّوْحِيد بِالْإِجْمَاع أَن معنى قَوْلنَا إِلَّا الله أَنه الْإِلَه بطرِيق الْمُعَارضَة وَلنَا قَوْله تَعَالَى {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} وَسُقُوط الحكم بطرِيق الْمُعَارضَة فِي الْإِيجَاب يكون أَي الْإِنْشَاء يثبت لَا فِي الْأَخْبَار لِأَنَّهُ لَو ثَبت حكم الْألف بجملته ثمَّ عَارضه الِاسْتِثْنَاء فِي الْخمسين لزم كَونه نافيا لما أثْبته أَولا فَلَزِمَ الْكَذِب فِي أحد الْأَمريْنِ تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَمن أدلتهم أَي الْحَنَفِيَّة أَن أهل اللُّغَة قَالُوا الِاسْتِثْنَاء اسْتِخْرَاج وَتكلم بِالْبَاقِي الثنيا أَي الْمُسْتَثْنى كَمَا قَالُوا إِنَّه من النَّفْي إِثْبَات وَمن الْإِثْبَات نفي وَإِذا ثَبت الْوَجْهَانِ وَجب الْجمع بَينهمَا لانه هُوَ الأَصْل

وَقَالَت الْحَنَفِيَّة نقُول إِنَّه تكلم بِالْبَاقِي بِوَضْعِهِ أَي بحقيقته وَعبارَته لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُود الَّذِي سيق الْكَلَام لأَجله وَنفي وَإِثْبَات بإشارته لِأَنَّهُمَا فهما من الصِّيغَة من غير أَن يكون سوق الْكَلَام لأجلهما لِأَنَّهُمَا غير مذكورين فِي الْمُسْتَثْنى قصدا لَكِن لما كَانَ حكمه خلاف حكم الْمُسْتَثْنى مِنْهُ ثَبت النَّفْي وَالْإِثْبَات ضَرُورَة لِأَنَّهُ حكمه يتَوَقَّف بِالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا يتَوَقَّف بالغاية فَإِذا لم يبْق بعد الِاسْتِثْنَاء ظهر النَّفْي لعدم عِلّة الْإِثْبَات وَسمي نفيا مجَازًا

تَحْقِيق ذَلِك أَن الِاسْتِثْنَاء بِمَنْزِلَة الْغَايَة من الْمُسْتَثْنى مِنْهُ لكَون الِاسْتِثْنَاء بَيَانا أَنه لَيْسَ مرَادا من الصَّدْر كَمَا أَن الْغَايَة بَيَان أَنَّهَا لَيست مُرَاده من المغيا

<<  <   >  >>