بدأنا بالاجماع لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَاف فِيهِ فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أَنه لما صَحَّ عَن الله عز وَجل فرض اتِّبَاع الْإِجْمَاع بِمَا ذكرنَا وَبِقَوْلِهِ عز وَجل {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا} وذم تَعَالَى الإختلاف وَحرمه يَقُوله تَعَالَى {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تنازعوا فتفشلوا وَتذهب ريحكم} وَلم يكن فِي الدّين إِلَّا اجماع أَو أختلاف فَأخْبر تَعَالَى أَن الِاخْتِلَاف لَيْسَ من عِنْده عز وَجل فَقَالَ تَعَالَى {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} فصح ضَرُورَة ان الأجتماع من عِنْده تَعَالَى اذ الْحق من عِنْده تَعَالَى وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا اجماع أَو اخْتِلَاف فالاختلاف لبيس من عِنْد الله تَعَالَى فَلم يبْقى إِلَّا الاجماع فَهُوَ من عِنْد الله تَعَالَى بِلَا شكّ وَمن خَالفه بعد علمه بِهِ اَوْ قيام الحدة عَلَيْهِ بذلك فقد اسْتحق الْوَعيد الْمَذْكُور فِي الْآيَة
فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الاجماع المفترض علينا اتِّبَاعه فوجدناه لَا يَخْلُو من أحد وَجْهَيْن لَا ثَالِث لَهما
أما أَن يكون اجماع كل عصر من أول الاسلام الى انْقِضَاء الْعَالم ومجيء يَوْم الْقِيَامَة أَو اجماع عصر دون عصر فَلم يجز ان يكون الاجماع الَّذِي افْترض الله علينا اتِّبَاعه اجماع كل عصر من أول الاسلام الى انْقِضَاء الْعَالم لِأَنَّهُ لَو كَانَ ذَلِك لم يلْزم احدا فِي النَّاس اتِّبَاع الاجماع لِأَنَّهُ ستأتي أعصار بعده بِلَا شكّ فالاجماع اذن لم يتم بعد وَكَانَ يكون أَمر الله