ثمَّ نَظرنَا فِي القَوْل الثَّالِث وَهُوَ ان اجماع الصَّحَابَة اجماع صَحِيح وَأَن اجماع أهل عصر مَا مِمَّن بعدهمْ اجماع ايضا وان لم يَصح فِي ذَلِك عَن الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم اجماع فوجدناه بَاطِلا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من أحد ثَلَاثَة أوجه لَا رَابِع لَهَا
أما أَن يجمع أهل ذَلِك الْعَصْر على مَا أجمع عَلَيْهِ الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم واما ان يجمعوا على مَا لم يَصح فِيهِ اجماع وَلَا اخْتِلَاف لَكِن اما على أَمر لم يحفظ فِيهِ عَن أحد من الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم قَول وَأما على أَمر حفظ فِيهِ عَن بَعضهم قَول وَلم يحفظ فِيهِ عَن ساشرهم شَيْء فان كَانَ اجماع أهل الْعَصْر الْمُتَأَخر عَنْهُم على مَا أجمع عَلَيْهِ الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم فقد غنينا باجماع الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم وَوَجَب فرض اتِّبَاعه على من بعدهمْ وَلَا يجوز أَن يزِيد اجماع الصحابه قُوَّة فِي ايجابة مُوَافقَة من بعدهمْ لَهُم كَمَا لاتقدح فِيهِ مُخَالفَة من بعدهمْ لَو خالفوهم بل من خالفهم وخرق الأجماع الْمُتَيَقن على علم مِنْهُ بِهِ فَهُوَ كَافِر اذا قَامَت الْحجَّة عَلَيْهِ بذلك وَتبين لَهُ الْأَمر وعاند الْحق وان كَانَ اجماع الْعَصْر الْمُتَأَخر على مَا صَحَّ فِيهِ اخْتِلَاف بَين الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم فَهَذَا بَاطِل وَلَا يجوز ان يجْتَمع اجماع وَاخْتِلَاف فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة لِأَنَّهُمَا ضدان والضدان لَا يَجْتَمِعَانِ مَعًا واذا صَحَّ الِاخْتِلَاف بَين الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم فَلَا يجوز ان يحرم على من بعدهمْ مَا حل لَهُم من النّظر وَأَن يمنعوا من الاجتمهاد الَّذِي أداهم الى الِاخْتِلَاف فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة اذا أدّى انسان بعدهمْ دَلِيل الى مَا أدّى اليه دَلِيل بعض الصَّحَابَة لِأَن الدّين لَا يحدث على مَا قُلْنَا قبل وَمَا كَانَ