يَصْرَعنَ ذا اللُّبِّ حَتَّى لا حِراكَ به ... وهُنَّ أضعف خَلْقِ الله إنْسانا
والغابط: نحو الحاسد، إلا أن الغابط: هو الذي يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره، من غير أن يسلب المغبوط نعمة.
والحاسد: هو الذي يتمنى أن يسلب المحسود نعمته، وإن لم ينل هو منها كفعل أبليس - لعنه الله - مع آدم عليه السلام.
يقول: رب رجل يظن أننا نظفر منكم بما رغبنا، وأنكم تبذلون لنا من وصلكم ما أملناه، فيغبطنا على ذلك، ولو طلب وصلكم كما نطلب، لم يظفر بشيء مما يرغب!.
وأنشد أبو القاسم في باب الأمثلة التي تعمل عمل اسم الفاعل:
ضَروبٌ بِنصْلِ السَّيْفِ سُوقَ سِمانِها ... إذا عَدِمُوا زاداً فإنَّك عَاقِرُ
هذا البيت: لأبي طالب - عم النبي صلى الله عليه وسلم - من شعر رثي به أبا أمية بن المغيرة، بن عبد الله، بن عمر، بن مخزوم، وكان ختنه، فخرج تاجراً إلى الشام، فمات بموضع يقال له: سر وسحيم، فقال أبو طالب يرثيه:
أَلاَ إنَّ زَادَ الرَّكبِ غير مدافع ... بسر وسحيم غيَّبتَهُ المقابرُ
بسر وسحيم عارِف ومناكر ... وفارس غاراتِ خطِيب وياسِرُ
تَنادَوْا بأنْ لا سيد الحيِّ فيهم ... وقد فُحِعَ الحيَّان كعبٌ وعَامِرُ
وكان إذا يأتي مِنَ الشام قافِلا ... بمَقْدمه تَسْعَى إلينا البشائِرُ
فيصبح أهل الله بيضاً كأنّما ... كسَتْهم حبيراً رَيْدَة ومَعافِرُ
تَرَى دَارَهُ لا يَبْرَحُ الدَّهْر عندها ... مجعجةٌ كومٌ سِمانٌ وبَاقِرُ
إذا أُكِلَتْ يوماً أتى الغد مثلها ... زواهق زُهم أو مخاض بهازِرُ
ضروب بنصل السيف سُوقَ سِمانِها ... إذا عَدموا زادا فإنك عاقر
وإن لم يكن لحم غريض فإنه ... تكبّ على أفواههن الغرائِزُ
فيا لَكَ من ناعٍ حَييت بآلة ... شراعِّية تصفر منها الأظافِرُ
ونصل السيف: شفرته، فلذلك أضافه إلى السيف، وقد يسمى السيف كله: نصلاً، مدحه بأنه كان يعرقب الإبل للضيفان عند عدمه الأزواد، وسر وسحيم أعلاه.
والياسر: اللاعب بالميسر، والقافل: الراجع من السفر. والبشائر: جمع بشارة.
وعنى بأهل الله: قريشاً، وكانت العرب تسميهم: أهل الله، لكونهم أرباب ملة.
والحبير: ثياب ناعمة، كانت تصنع في اليمن.
وريدة: بلدة ذكرها طرفة في قوله:
وبالسَّفْح آيات كأنّ رُسُومَها ... يمانٌ وشَتْه رَيدَةٌ وسَحُول
أراد أهل ريدة.
ومعافر: قبيلة من قبائل اليمن.
والمجعجعة: المصروعة، والكوم: الإبل العظام الأسنمة.
والباقر: اسم لجماعة البقر، والزواهق: السمان، الزهم: الكثيرات الشحم، واحدها: زهم، وقال زهير:
القائد الخيْل منكوبا دَوَابِرها ... منها الشَّنُون ومنها الزَّاهِقُ الزَّهِمُ
والمخاض: الحامل من الإبل، واحدتها: خَلِفَة - من غير لفظها -.
والغريض: الطري.
ومعنى تكب: تصب، والغرائر: الأعدال جمع غرارة.
والناعي: الذي يخبر بموت الإنسان، والآلة: الحربة، والشراعية: التي أشرعت للطعن، أي سددت، وحبست: أي خصصت.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
حذِرٌ أموراً لا تَضِير وآمِنٌ ... ما لَيْسَ مُنجِيَهُ مِنَ الأقدارِ
هذا البيت: مصنوع ليس بعربي، واختلف في صانعه: فزعم قوم أنه لابن المقفع، وحكى المازني قال: أخبرني أبو يحيى اللاحقي، قال: سألني سيبويه عن فعل أيتعدى؟ فوضعت له هذا البيت، ولأجل هذا رد هذا البيت على سيبويه! وقد وجدنا في شعر زيد الخيل الطائي بيتاً آخر لا مطعن فيه، وهو قوله:
ألم أخبركما خَبراً أتاني ... أبو الكُساحِ جَدَّ بِهِ الوعيدُ
أتاني أنهم مزقون عرضي ... جِحاشُ الكرملينِ لها فَدِيدُ
وأما معنى البيت، فيحتمل أمرين: أحدهما: أن يصف إنساناً بالجهل، وقلة المعرفة، وأنه يضع الأمور غير مواضعها، فيأمن ما لا ينبغي أن يؤمن، ويحذر ما لا ينبغي أن يحذر!.