للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا البيت: لا أعلم قائله.

ويروى: ركباتنا: بضم الكاف وفتحها.

وقوله: لا نخلط الجد بالهزل جملة في موضع نصب على الحال، كأنه قال غير خالطين الجد بالهزل.

ويجوز أن تكون في موضع خفض على الصفة لموطن، ولا يستقيم ذلك إلا بأن تقدر في الجملة ضميراً عائداً على الموطن، كأنه قال: لا نخلط فيه الجد بالهزل؛ لأن الصفة يلزم أن يكون فيها ضمير يعود إلى الموصوف فهي على هذا صفة جرت على غير من هي له، واستتر الضمير، لأن الفعل يتضمن ضمير الأجنبي، كما يتضمن غير الأجنبي. ولو صيرتها صفة محضةً لقلت: على موطن غير خالطٍ نحن فيه الجد بالهزل، فبرز الضمير الفاعل، ولم يستتر.

وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:

أمّا الإِمَاءُ فَلاَ يَدْعُونَنِي وَلَداً ... إِذَا تَرامَى بَنو الإمْوَانِ بالعْارِ

هذا البيت: للقتال الكلابي، واسمه: فيما ذكر أبو العباس المبرد: عبيد بن المضرحي، وقال غيره: اسمه عبد الله بن مجيب.

ويسمى القتال: لأنه قتل ابن عم له، كان القتال يختلف إلى أخت له، ويجلس معها، فنهاه أخوها عن ذلك، فلم ينته، فقال له: والله لئن وجدتك في بيتها لأقتلنك!.

ثم إنه أقبل يوماً فوجده عندها، فقال له: ألم أنهك عن هذا؟! فتناول الرمح، فخرج القتال هارباً بين البيوت، وهو يناشده الله ويذكره بالرحم، وابن عمه يلج في اتباعه، فوجد القتال رمحاً مركوزاً عند بعض البيوت، فأخذه وعطف عليه وقتله، وتنادى الناس، وخرجوا من البيوت يتبعونه، فمر ببيت لابنة عم له، وهي تختضب بالحناء فأخذ قناعها وستر راسه، وقال لها: ادخلي وراء السترفدخلت وجعل يختصب بالحناء، فبلغ القوم الخباء، فانقطع أثره، وظنوا المختصب زينب بنت عنه، فقالوا: أين الفاسق؟ فأشار بيده - ذهب هكذا!.

فركبوا ذلك الطريق - الذي أشار إليه - وخرج هو، وهرب على طريق آخر، حتى أتى عماية، وهو جبل كثير الشعاب، والأغوار، إذا دخل فيه الإنسان لم يعلم له خبر، فأقام فيه سنة، حتى عفا عنه أولياء المقتول، وله في ذلك أشعار كثيرة، ومنها:

فمن مُبلغٍ فِتيانَ قوْمي أَنَّنِي ... تَسَمَّيتُ لَمَّا شَبَّت الحرْب زينبا

وأرْخيت جِلبابي على نَبْتِ لِحيَتِي ... وأَبدَيتُ للنَّاس الْبَنَانَ المخضَّبا

وأما معنى البيت الأول: فإنه افتخر بأنه ابن حرة، فقال: لست أخشى أن يعيرني أحد، بأني ابن أمة، إذا سب بعض الناس بعضاً بذلك!.

وبعده:

لا أرضَعُ الدَّهر الاثّدءيَ واضِحَةٍ ... لِوَاضِحٍ الخَدِّ يحمي حَوْزةَ الجار

من آل سُفيان أو وَرْقاءَ يمنعها ... تحت العجَاجَةِ ضرْبٌ غَيرُ عُوَّار

يا ليتني والمُنى لَيْست بنافعةلمالكٍ أو لحصنٍ أوْ لِسيَّار

طِوَال انْضِيَة العنَاقِ لمْ يَجدُوا ... رِيحَ الإماءِ إذا راحَتْ بأزفار

ولم يرد بتمنيه أن يكون ابنا لهم، ولا أنهم أشرف من أبيه وقومه، وإنما أراد: ليتني كنت منهم، فينصرونني ويعزونني، لأنه كان قاول رجلاً من قومه فشتمه الرجل، فشكا إلى قومه، فلم يشكوه، ولم ينصروه!.

وأنشد أبو القاسم في باب أبنية الأفعال:

وَكُومٌ تَنْعِمُ الأضْيافَ عَيْناً ... وَتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالاً!

هذا البيت: للفرزدق.

والكوم: الإبل العظام الأسنمة، الواحدة كوماء، والذكر أكوم.

وقوله: تنعم الأضياف عيناً أي تقربها عيون الأضياف، لأنهم يشربون ألبانها، ويقرون من لحومها.

ومعنى وتصبح في مباركها ثقالا، أراد: أن ما في أخلافها من اللبن يثقلها عن الحركة، كما قال أبو النجم:

تمشي من الدِّرَّة مَشْيَ الْحَقِل ... مَشيَ الرَّوايَا بالمزادِ الأثْقل

وقيل: إن معناها أنها تبقى في مباركها إلى أن يرتفع النهار، لأن الرعي قبل طلوع الشمس يضر بالإبل، وفي الحديث أنه نهى غلام عن السموم، قبل طلوع الشمس.

والسوم: مصدر سامت الماشية إذا سرحت.

وقوله: تنعم الأضياف عينا في موضع الصفة للكوم، وفي الكلام ضمير محذوف، كأنه قال: تنعم الأضياف عيناً بها، لأن الصفة يجب أن يكون فيها ضمير عائد إلى موصوفها.

ويروى الأضياف بالنصب، فمن روى هكا، أراد: تنعم بالأضياف، فلما حذف الباء نصب، كما قال:

<<  <   >  >>