إِذا كاشفه الله بالمعرفة وَالْيَقِين لم يَسعهُ تَقْلِيد أحد من الْعلمَاء وَكَذَلِكَ كَانَ المتقدمون إِذا أقِيمُوا هَذَا الْمقَام خالفوا من حملُوا عَنهُ الْعلم وَلأَجل ذَلِك كَانَ الْفُقَهَاء يكْرهُونَ التَّقْلِيد وَيَقُولُونَ لَا يَنْبَغِي للرجل أَن يُفْتى حَتَّى يعرف اخْتِلَاف الْعلمَاء أَي فيختار مِنْهَا الْأَحْوَط للدّين والأقوى بِالْيَقِينِ فَلَو كَانُوا يحبونَ أَن يُفْتى الْعَالم بِمذهب غَيره لم يحْتَج أَن يعرف الِاخْتِلَاف ولكان إِذا عرف مَذْهَب صَاحبه كَفاهُ وَمن قبل أَن العَبْد يسْأَل غَدا فَيُقَال مَاذَا عملت مِمَّا علمت وَلَا يُقَال لَهُ فِيمَا علم غَيْرك وَقَالَ الله تَعَالَى {وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم وَالْإِيمَان} فقرن بَينهمَا فَدلَّ على أَنه من أُوتِيَ إِيمَانًا ويقينا أُوتِيَ علما كَمَا أَن من أُوتِيَ علما نَافِعًا أُوتِيَ إِيمَانًا وَهَذَا أحد الْوُجُوه فِي معنى قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ كتب فِي قُلُوبهم الْإِيمَان وأيدهم بِروح مِنْهُ} أَي قواهم بِعلم الْإِيمَان فَعلم الْإِيمَان هُوَ روحه وَتَكون الْهَاء عَائِدَة على الْإِيمَان لِأَن الْعَالم الَّذِي هُوَ من أهل الاستنباط وَالِاسْتِدْلَال من الْكتاب وَالسّنة وَمَعْرِفَة أَدَاة الصَّنْعَة وَآلَة الصنع لِأَنَّهُ ذُو تميز وبصيرة وَمن أهل التَّدْبِير وَالْعبْرَة انْتهى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute