تمسكهم فِي فَسَاد تِلْكَ الصُّور لمُجَرّد النهى لزم أَن يكون تخلف الحكم عَن هَذِه الصُّور الَّتِي قيل فِيهَا بِالصِّحَّةِ لمَانع هَذَا على خلاف الظَّاهِر وَالْأَصْل عَدمه بِخِلَاف مَا إِذا قُلْنَا بِأَن النَّهْي لمجرده لَا يَقْتَضِي الْفساد فَإِن حكمهم بِالْفَسَادِ فِي تِلْكَ الصُّور يكون لدَلِيل مُنْفَصِل وَلَيْسَ فِيهِ ترك للظَّاهِر فَكَانَ هَذَا أولى
وَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن الصُّور الَّتِي حكمُوا فِيهَا بِالصِّحَّةِ مَعَ وُرُود النَّهْي لَيْسَ النَّهْي عَن شَيْء مِنْهَا لعَينه وَلَا لوصفه اللَّازِم فَلَا يتَوَجَّه بهَا نقض بل جَمِيع تِلْكَ الصُّور الَّتِي فِيهَا لأمر خارجي مجاور وَالْمُدَّعى أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم حكمُوا بِالْفَسَادِ فِي كل مَنْهِيّ عَنهُ لعَينه أَو لوصفه اللَّازِم وَهَذَا غير منتقض بِصُورَة من الصُّور حكم فِيهَا بِالصِّحَّةِ بل أَن من الْمنْهِي عَنهُ لغيره مَا أفتى فِيهِ بَعضهم بِالْفَسَادِ أَيْضا لكنه لم يتَّفق عَلَيْهِ بل خُولِفَ فِيهِ أما صُورَة من الصُّور المحتج لَهَا حكم فِيهَا صَحَابِيّ بِالصِّحَّةِ فَذَلِك لَا يُوجد وَمن ادَّعَاهُ فَعَلَيهِ الْبَيَان
قَوْلهم أَن الحكم بِالْفَسَادِ يكون لدَلِيل مُنْفَصِل قُلْنَا نقطع بِأَن حكمهم بِهِ لمُجَرّد النَّهْي كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي الصُّور الْمُتَقَدّمَة وَغَيرهَا
قَوْلهم أَنَّهَا أَخْبَار آحَاد قُلْنَا هِيَ متواترة فِي الْمَعْنى كشجاعة عَليّ وَوُجُود حَاتِم وأمثالهما كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ فِيمَا تقدم وكل هَذِه الصُّور الَّتِي ذَكرنَاهَا مروية الْأَسَانِيد فِي كتب الْأَئِمَّة فَهَذَا الْوَجْه وَحده كَاف بالمطلوب مُسْتَقل بإثباته وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute