وَأما الْمَعْقُول فَمن وُجُوه
الأول أَن النَّهْي اقْتِضَاء كف عَن فعل وَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون لمقصود دَعَا الشَّارِع إِلَى طلب ذَلِك الْكَفّ أَو لَا لمقصود
لَا جَائِز أَن يُقَال أَنه لَا لمقصود
أما على أصُول الْمُعْتَزلَة فَلِأَنَّهُ عَبث والعبث قَبِيح وَلَا يصدر من الشَّارِع
وَأما على أصُول أهل السّنة فَإنَّا وَإِن جَوَّزنَا خلو أَفعَال الله تَعَالَى عَن الحكم والمقاصد غير أَنا نعتقد أَن الْأَحْكَام الْمَشْرُوعَة لَا تَخْلُو عَن حِكْمَة ومقصود رَاجع إِلَى العَبْد لَكِن لَا بطرِيق الْوُجُوب بل بِحكم الْوُقُوع تفضلا فالإتفاق وَاقع على أَن الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة لَا تَخْلُو من الْحِكْمَة وَسَوَاء ظَهرت لنا أَو لم تظهر وَبِتَقْدِير تَسْلِيم خلو بعض الْأَحْكَام عَن الْحِكْمَة فَلَا شكّ أَنه نَادِر وَالْغَالِب عدم خلوها عَن الْحِكْمَة وإدراج مَا وَقع عَلَيْهِ النزاع تَحت الْغَالِب هُوَ الأولى فَإِذا بَطل أَن يكون ذَلِك لَا لمقصود تعين أَن يكون لمقصود من الْحِكْمَة مُعْتَبر
فَالْأَمْر يعْتَمد الْمصلحَة الْخَالِصَة أَو الراجحة وَالنَّهْي يعْتَبر الْكَفّ عَن الْمفْسدَة الْخَالِصَة أَو الراجحة فَلَو قيل بِصِحَّة الْمنْهِي عَنهُ لَكَانَ سَببا للحكمة الْمَطْلُوبَة مِنْهُ فإمَّا أَن يكون مَقْصُود النَّهْي راجحا على مَقْصُود الصِّحَّة أَو مُسَاوِيا أَو مرجوحا لَا جَائِز أَن يكون مرجوحا إِذْ الْمَرْجُوح لَا يكون مَطْلُوبا مَقْصُودا فِي نظر الْعُقَلَاء وَالْغَالِب من الشَّارِع إِنَّمَا هُوَ التَّقْرِير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute