أَفعاله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وُقُوعهَا مُوَافقَة لعلمه وإرادته وَهُوَ الْحِكْمَة فِي أَفعَال الْحُكَمَاء فِي الشَّاهِد لِأَن من فعل فعلا لَا يَقع على مُوَافقَة إِرَادَته يُقَال إِنَّه لم يرتبه على حِكْمَة مِنْهُ فِيهِ فَإِذا حصل مُرَاده فِيهِ يُقَال إِنَّه حَكِيم فِي فعله وَلَا يُمكن أَن يُقَال فِي شَيْء من أَفعاله أَنه كَانَ يَنْبَغِي أَن يوقعه على خلاف مَا أوقعه لِأَنَّهُ يتَصَرَّف فِي ملكه وَمن تصرف فِي ملكه لم يَتَقَرَّر عَلَيْهِ الإعتراض فِي فعله وَلِهَذَا قُلْنَا إِن شَيْئا من أَفعاله لَا يكون ظلما وَأَنه سُبْحَانَهُ يَسْتَحِيل الظُّلم فِي وَصفه لِأَنَّهُ لَا يتَصَرَّف فِي غير ملكه وَمن تصرف فِي ملكه لم يَتَقَرَّر عَلَيْهِ الإعتراض فِي فعله وَمن تصرف فِي ملكه فَلَيْسَ بظالم فِي أَفعاله قَالَ الله تَعَالَى {تَنْزِيل من حَكِيم حميد} وَقَالَ وَكَانَ الله بِكُل شَيْء عليما وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أفحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وأنكم إِلَيْنَا لَا ترجعون}
٣٤ - وَأَن تعلم أَن الدَّلِيل على صدق الْمُدَّعِي للنبوة هُوَ المعجزة والمعجزة فعل يظْهر على يَدي مدعي النُّبُوَّة بِخِلَاف الْعَادة فِي زمَان التَّكْلِيف مُوَافقا لدعواه وَهُوَ يَدْعُو الْخلق إِلَى معارضته ويتحداهم أَن يَأْتُوا بِمثلِهِ فيعجزوا عَنهُ فيبين بِهِ صدق من يظْهر على يَده وَمَا من رَسُول من رسل الله تَعَالَى إِلَّا وَقد كَانَ مؤيدا بمعجزة أَو معجزات كَثِيرَة تدل على صدقه وَقد أخبر الله تَعَالَى عَن كثير مِنْهَا فَذكر فِي قصَّة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فلق الْبَحْر وقلب الْعَصَا حَيَّة وَالْيَد الْبَيْضَاء وَفِي قصَّة دَاوُد وَسليمَان تليين الْحَدِيد وتسخير الرّيح وَالشَّيَاطِين والطيور وَجَمِيع دَوَاب الأَرْض فِي الْبر وَالْبَحْر وَفِي قصَّة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إحْيَاء الْمَوْتَى وإبراء الأكمه والأبرص وَذكر فِي صفة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يَدْعُو مخالفيه إِلَى مُعَارضَة مَا اتى بِهِ من الْقُرْآن أَو سُورَة مِنْهُ فَقَالَ تَعَالَى {فَأتوا بِسُورَة من مثله} فَكَانَ الْقُرْآن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute