مقالات فارقوا بهَا المحكمة الأولى وَسَائِر الْخَوَارِج مِنْهَا أَنهم يَقُولُونَ أَن من خالفهم من هَذِه الْأمة فَهُوَ مُشْرك والمحكمة كَانُوا يَقُولُونَ أَن مخافهم كَافِر وَلَا يسمونه مُشْركًا وَمِمَّا وَمِمَّا اختصوا بِهِ أَيْضا أَنهم يسمون من لم يُهَاجر إِلَى دِيَارهمْ من موافقيهم مُشْركًا وان كَانَ مُوَافقا لَهُم فِي مَذْهَبهم وَكَانَ من عاداتهم فِيمَن هَاجر اليهم أَن يمتحنوه بَان يسلمُوا اليه أَسِيرًا من أسراء مخالفيهم وأطفالهم ويأمروه بقتْله ويزعمون أَيْضا ان أَطْفَال مخالفيهم مشركون ويزعمون أَنهم يخلدُونَ فِي النَّار
وَأول من أظهر هَذِه الْبدع الزَّائِدَة على أُولَئِكَ رجل مِنْهُم يدعى عبد ربه الْكَبِير وَقيل عبد ربه الصَّغِير وَقيل عبد الله بن الْوَضِين وَكَانَ نَافِع بن الْأَزْرَق يُخَالِفهُ حَتَّى مَاتَ ثمَّ رَجَعَ إِلَى مذْهبه وَقد اطبقت الْأزَارِقَة على أَن ديار مخالفيهم ديار الْكفْر وان قتل نِسَاءَهُمْ وأطفالهم مُبَاح وَأَن رد أماناتهم لَا تجب لنَصّ كتاب الله تَعَالَى حَيْثُ قَالَ {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} وَزَعَمُوا أَيْضا ان الرَّجْم لَا يجب على الزَّانِي الْمُحصن خلافًا لاجماع الْمُسلمين وَقَالُوا ان من قذف رجلا مُحصنا فَلَا حد عَلَيْهِ وَمن قذف امْرَأَة مُحصنَة فَعَلَيهِ الْحَد وَقَالُوا إِن سَارِق الْقَلِيل يجب عَلَيْهِ الْقطع وَهَذِه بدع زادوا بهَا على جَمِيع الْخَوَارِج فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عَذَاب مهين
وَهَذِه الْأزَارِقَة غلبوا على بِلَاد الأهواز وَأَرْض فَارس وكرمان فِي أَيَّام عبد الله بن الزبير حِين بعث عَاملا لَهُ على الْبَصْرَة فَأخْرج سَرِيَّة إِلَى قِتَالهمْ وهم ألف مقَاتل فَقَتلهُمْ الْخَوَارِج ثمَّ بعث إِلَيْهِم بِثَلَاثَة آلَاف من الْمُقَاتلَة فظفر الْخَوَارِج أَيْضا بهم فَبعث عبد الله بن الزبير من مَكَّة كتابا وَجعل قِتَالهمْ إِلَى الْمُهلب بن أبي صفرَة حَتَّى