وإرادته وإدراكه للمسموعات والمبصرات وَسموا ذَلِك سمعا وتبصرا وَكَذَلِكَ قَالُوا تحدث فِي ذَاته ملاقاته للصفحة الْعليا من الْعَرْش زَعَمُوا أَن هَذِه أَعْرَاض تحدث فِي ذَاته تَعَالَى الله عَن قَوْلهم قَالُوا إِن هَذِه الْحَوَادِث هِيَ الْخلق وَالْقُدْرَة تتَعَلَّق بِهَذِهِ الْحَوَادِث والمخلوق يَقع تَحت الْخلق لَا تتَعَلَّق بِهِ الْقُدْرَة فالخلق عِنْدهم هُوَ الْقُدْرَة على التخليق وَهُوَ قَوْله لما يُرِيد أَن يخلقه كن جوهرا وَهَذَا يُوجب أَن يحدث فِي ذَاته كَاف وَنون وجيم وواو وهاء وَرَاء والف وَسمع وَإِرَادَة قَالُوا وَإِذا أَرَادَ إعدام شَيْء يَقُول لَهُ افن فَيصير الشَّيْء فانيا والإفناء والإعدام يكونَانِ فِي ذَاته لَا يفنيان وَهَذَا يُوجب أَن يكون الشَّيْء مَوْجُودا معنى لوُجُود الإعدام والإيجاد فِي ذَاته على زعمهم وَإِن قَالُوا إنَّهُمَا يغنيان عَن ذَاته حكمُوا بتعاقب الْحَوَادِث وَهُوَ أول مَا يسْتَدلّ بِهِ على حُدُوث الْأَجْسَام كَيفَ وَقَوْلهمْ يُوجب أَن الْحَوَادِث فِي ذَاته سُبْحَانَهُ أَضْعَاف الْحَوَادِث فِي الْعَالم فَإِذا دلّت حوادث الْعَالم على حُدُوثه فَمَا هُوَ أَضْعَاف تِلْكَ الْحَوَادِث أولى أَن يدل على حُدُوث محلهَا وَلم يجد هَؤُلَاءِ فِي الْأُمَم من يكون لَهُم القَوْل بحدوث الْحَوَادِث فِي ذَات الصَّانِع غير الْمَجُوس فرتبوا مَذْهَبهم على قَوْلهم وَذَلِكَ أَن الْمَجُوس قَالُوا تفكر يَزْدَان فِي نَفسه أَنه يجوز أَن يظْهر لَهُ مُنَازع ينازعه فِي مَمْلَكَته فاهتم لذَلِك فَحدثت فِي ذَاته عفونة بِسَبَب هَذِه الفكرة فخلق مِنْهَا الشَّيْطَان فَلَمَّا سَمِعت الكرامية هَذِه الْمقَالة بنوا عَلَيْهَا قَوْلهم بحدوث الْحَوَادِث فِي ذَاته سُبْحَانَهُ تَعَالَى الله عَن قَوْلهم فلزمهم أَن يجوزوا حُلُول الْأَلَم واللذة والشهوة وَالْمَوْت وَالْعجز وَالْمَرَض عَلَيْهِ فَإِن من كَانَ محلا للحوادث لم يسْتَحل عَلَيْهِ هَذِه الْحَوَادِث كالأجسام
وَمِمَّا أحدثوه من الْبدع قَوْلهم إِن كل إسم يشتق لَهُ من أَفعاله كَانَ ذَلِك الإسم ثَابتا لَهُ فِي الْأَزَل مثل الْخَالِق والرازق والمنعم وَقَالُوا إِنَّه كَانَ خَالِقًا قبل أَن خلق ورازقا قبل أَن رزق ومنعما قبل أَن انْعمْ فَقيل لَهُم إِذا لم يكن خلق