٦٥٢١ - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ بِعَسْقَلَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي ⦗٢٧٤⦘ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ـ مِنْ فِيهِ إِلَى فيَّ ـ قَالَ:
انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرقل جَاءَ بِهِ دِحية الْكَلْبِيُّ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَقَالَ هِرَقْلُ: هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ فدُعيت فِي نفرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ أقربُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ثُمَّ دَعَا تُرْجُمَانَهُ فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سائلٌ هَذَا الرَّجُلِ عَنْ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَإِنْ كَذَبَنِي فكذِّبوه قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤثر عَنِّي الْكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ
ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: سلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟ قُلْتُ: لَا قَالَ: فَهَلْ أَنْتُمْ تَتَّهِمُونه بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا قَالَ: مَنْ تَبِعَهُ: أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ: فَهَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُون؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ: فَهَلْ يرتدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ ـ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ـ سَخْطَةً لَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا قَالَ: فَهَلْ قاتلتُموه؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: تَكُونُ الْحَرْبُ سِجَالاً بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ يُصيبُ منَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ ـ أَوْ قَالَ: هُدْنةٍ ـ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أحدٌ قَبْلَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا ثُمَّ قَالَ ⦗٢٧٥⦘ لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ فزعمتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكُ آبَائِهِ! وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ: أَضُعَفَاءُ النَّاسِ أَمْ أَشْرَافُهُمْ؟ فَقُلْتَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ليدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يرتدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ ـ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ ـ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خالَطَهُ بَشَاشَةُ الْقُلُوبِ
وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يتمَّ وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالٌ تَنَالُونَ مِنْهُ وَيَنَالُ منكم وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ لَا تَغْدِرُ وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَمُّ بقولٍ قَبْلَ قَوْلِهِ! قَالَ: ثُمَّ مَا يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ والصِّلَةِ وَالْعَفَافِ قَالَ: إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقّاً فَإِنَّهُ نَبِيٌّ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لأحببتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ ولَيَبْلُغَنَّ ملكُهُ مَا تَحْتَ قدميَّ! قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ:
((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ ـ عَظِيمِ ⦗٢٧٦⦘ الرُّومِ ـ سَلَّامٌ عَلَى مَنِ اتَّبعَ الْهُدَى .... أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أسْلِمْ تَسْلَمْ وأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ..... } إلى قوله: {واشهدوا بأنا مسلمون} [آل عمران: ٦٤])) فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وكَثُرَ اللَّغطُ فَأُمِرَ بِنَا فأُخْرِجْنَا فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي ـ حِينَ خَرَجْنَا ـ: لَقَدْ جلَّ أمرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ! إِنَّهُ ليخافُه مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ! قَالَ: فَمَا زِلْتُ مُوقناً بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أدخل الله علي الإسلام
= (٦٥٥٥) [٣٧: ٥]
[تعليق الشيخ الألباني]
صحيح ـ ((تخريج فقه السيرة)) (٣٥٥)، ((الإرواء)) (١/ ٣٧)، ((صحيح الأدب المفرد)) (٨٦٠): ق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute