الحمد لله العزيز القهار، الصمد الجبار، العالم بالأسرار، الذي اصطفى سيد البشر محمد بن عبد الله بنبوته ورسالته، وحذر جميع خلقه مخالفته، فقال عز من قائل:(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ـ صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين ـ.
أما بعد:
فإن الله ـ تعالى ذكره ـ أنعم على هذه الأمة بإصطفائه بصحبة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخيار خلقه في عصره، وهم الصحابة النجباء، البررة الأتقياء، لزموه في الشدة والرخاء، حتى حفظوا عنه ما شَرعَ لأمته بأمر الله، ثم نقلوه إلى أتباعهم، ثم كذلك ـ عصراً بعد عصرٍ ـ إلى عصرنا هذا؛ وهو هذه الأسانيد المنقولة إلينا: بنقل العدل عن العدل، وهي كرامة من الله لهذه الأمة، خصهم بها دون سائر الأمم.