شبهتم ووصفتم ربكُم بِالْعرضِ فَإِن قَالُوا لَا عرض بل كَمَا يَلِيق بِهِ تَعَالَى قُلْنَا والإستواء وَالنُّزُول كَمَا يَلِيق بِهِ تَعَالَى
قَالَ فَجَمِيع مَا يلزموننا بِهِ فِي الإستواء وَالنُّزُول وَالْيَد وَالْوَجْه والقدم والضحك والتعجب من التَّشْبِيه نلزمهم بِهِ فِي الْحَيَاة والسمع وَالْبَصَر وَالْعلم فَكَمَا لَا يجعلونها أعراضا كَذَلِك نَحن لَا نَجْعَلهَا جوارح وَلَا مَا يُوصف بِهِ الْمَخْلُوق وَلَيْسَ من الْإِنْصَاف أَن يفهموا فِي الإستواء وَالنُّزُول وَالْوَجْه وَالْيَد صِفَات المخلوقين فيحتاجوا إِلَى التَّأْوِيل والتحريف وَلَا يفهموا ذَلِك فِي الصِّفَات السَّبع وَحَيْثُ نزهوا رَبهم فِي الصِّفَات السَّبع مَعَ إِثْبَاتهَا فَكَذَلِك يُقَال فِي غَيرهَا فَإِن صِفَات الرب كلهَا جَاءَت فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ الْكتاب وَالسّنة فَإِذا أثبتنا تِلْكَ بِلَا تَأْوِيل وأولنا هَذِه وحرفناها كُنَّا كمن آمن بِبَعْض الْكتاب وَكفر بِبَعْض وَفِي هَذَا بَلَاغ وكفاية أنْتَهى
وَقَالَ أهل التَّأْوِيل إِن الْعَرَب تنْسب الْفِعْل إِلَى من أَمر بِهِ كَمَا تنسبه إِلَى من فعله وباشره بِنَفسِهِ كَمَا يَقُولُونَ كتب الْأَمِير إِلَى فلَان وَقطع يَد اللص وضربه وَهُوَ لم يُبَاشر شَيْئا من ذَلِك بِنَفسِهِ وَلِهَذَا احْتِيجَ للتَّأْكِيد فَيَقُولُونَ جَاءَ زيد نَفسه وَفعل كَذَا بِنَفسِهِ وَتقول الْعَرَب جَاءَ فلَان إِذْ جَاءَ كِتَابه أَو وَصيته وَيَقُولُونَ أَنْت ضربت زيدا لمن لم يضْربهُ وَلم يَأْمر إِذا كَانَ قد رَضِي بذلك قَالَ تَعَالَى {فَلم تقتلون أَنْبيَاء الله} الْبَقَرَة ٩١ والمخاطبون بِهَذَا لم يقتلوهم لكِنهمْ لما رَضوا بذلك ووالوا القتلة نسب الْفِعْل إِلَيْهِم وَالْمعْنَى هُنَا أَن الله تَعَالَى يَأْمر ملكا بالنزول إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فينادي بأَمْره
وَقَالَ بَعضهم إِن قَوْله ينزل رَاجع إِلَى أَفعاله لَا إِلَى ذَاته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute