فَأخذُوا بيَدي فأدخلوني ديرا لَهُم فِيهِ تماثيل وصور قَالُوا لي أنظر هَل ترى صُورَة هَذَا الَّذِي بعث فِيكُم فَنَظَرت فَلم أر صورته قلت لَا أرى صورته فأدخلوني ديرا أكبر من ذَلِك الدَّيْر الَّذِي فِيهِ صور أَكثر مِمَّا فِي ذَلِك الدَّيْر فَقَالُوا لي أنظر هَل ترى صورته فَنَظَرت فَإِذا أَنا بِصفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصورته وَإِذا أَنه بِصفة أبي بكر وَصورته وَهُوَ آخذ بعقب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لي انْظُر هَل ترى صفته قلت نعم قَالُوا هُوَ هَذَا وأشاروا إِلَى صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت اللَّهُمَّ نعم قَالُوا أتعرف هَذَا الَّذِي أَخذ بعقبه قلت نعم قَالُوا تشهد أَن هَذَا هُوَ صَاحبكُم وَأَن هَذَا الْخَلِيفَة من بعده
وَقَرِيب من هَذِه الْقِصَّة مَا رَوَاهُ مُوسَى بن عقبَة بن هِشَام بن الْعَاصِ ونعيم بن عبد الله وَرجل آخر قد سَمَّاهُ بعثوا إِلَى ملك الرّوم زمن أبي بكر قَالَ فَدَخَلْنَا على جبلة بن الْأَيْهَم وَهُوَ بالغوطة فَذكر الحَدِيث وَأَنه انْطلق بهم إِلَى الْملك وَأَنَّهُمْ وجدوا عِنْده شبه الربعة الْعَظِيمَة مذهبَة وَإِذا فِيهَا أَبْوَاب صغَار فَفتح فِيهَا بَابا فاستخرج مِنْهُ حريرة وفيهَا صُورَة نوح ثمَّ إِبْرَاهِيم ثمَّ حريرة فِيهَا صُورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ هَذَا آخر الْأَبْوَاب وَلَكِنِّي عجلته لأنظر مَا عنْدكُمْ
وأمثال هَذَا كَثِيرَة جدا يطول الْمقَام ببسط بَعْضهَا فضلا عَن كلهَا وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم من دَلَائِل إِثْبَات النبوات على الْعُمُوم وَإِثْبَات نبوة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْخُصُوص مَا لَا يخفى على من يعرف الْقُرْآن وَيفهم كَلَام الْعَرَب فَإِنَّهُ مُصَرح بِثُبُوت جَمِيع الْأَنْبِيَاء من لدن آدم إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيه ذكر كل وَاحِد مِنْهُم بِصفتِهِ والى من أرسل وَفِي أَي زمَان كَانَ مَعَ تَقْدِيم الْمُتَقَدّم وَتَأْخِير الْمُتَأَخر وَذكر مَا وَقع لكل وَاحِد مِنْهُم من إِجَابَة قومه لَهُ وامتناعهم عَلَيْهِ وردهم لما جَاءَ بِهِ وَمَا وَقع بَينه وَبينهمْ من المقاولة والمحاولة والمقاتلة