للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى الإقامة: هي ذكر مخصوص لاستنهاض الحاضرين للصلاة.

دليل مشروعيتهما:

ثبتت مشروعية النداء للصلاة بالكتاب والسنة.

ففي الكتاب قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} (١) .

وقوله جلّ شأنه: {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً} (٢) .

وأما السنة فحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمّكم أكبركم) (٣) .

وقد أذن جبريل عليه الصلاة والسلام يوم الإسراء وأقام الصلاة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعمّم ذلك، ثم شرع الأذان في السنة الأولى للهجرة، وكان المسلمون يصلّون بالمناداة في الطريق: الصلاة.. الصلاة.. ثم تشاور الصحابة رضوان الله عليهم في علامة يعرفون بها وقت الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء ذلك فيما روي عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه قال: (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليُضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى. قال: فقال تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، قال: ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.

فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذّن به فإنه أندى صوتاً منك، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به. قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد) (٤) .

وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الأذان والمؤذّن، (وإن كانت الإمامة أفضل من الأذان) (٥) منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف والأول ثم لم يجدوا إلا أن يَسْتَهِموا عليه لاستَهَموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العَتْمةِ والصبح لأتوهما ولو حبواً) (٦) ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أذّن سبع سنين محتسباً كتبت له براءة من النار) (٧) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين) (٨) .


(١) الجمعة: ٣.
(٢) المائدة: ٥٨.
(٣) البخاري: ج ١ / كتاب الأذان باب ١٧/٦٠٢.
(٤) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٢٨/٤٩٩.
(٥) لمواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها دون الأذان.
(٦) البخاري: ج ١ / كتاب الأذان باب ٩/٥٩٠.
(٧) الترمذي: ج ١ / كتاب الصلاة باب ١٥٢/٢٠٦.
(٨) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٣٢/٥١٧، ضامن: المقصود بالضمان هنا الحِفْظ والرعاية لأنه يضمن على القوم صلاتهم. فصلاة المقتدين به في عهدته وصحتها مقرونة بصحة صلاته، فهو كالمتكفِّل لهم صلاتهم.

<<  <   >  >>