للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: شروط صحة الاقتداء:

الاقتداء: لغة: الملازمة، وشرعاً: ربط صلاة شخص بصلاة الإمام.

ويشترط لصحة الاقتداء ما يلي:

-١ - أن ينوي المقتدي متابعاً الإمام مقارناً لتحريمته حقيقة وحكماً (أي لا يفصل بين النية والتكبيرة فاصل أجنبي) أما في صلاة الجمعة والعيدين فلا تشترط نية المتابعة لاختصاصهما بالجماعة.

-٢ - أن لا يتقدم على الإمام بعقبه في جميع الصلاة، فإن تقدم بطلت صلاته، وإن حاذاه صح الإقتداء.

-٣ - أن لا يقتدي مفترض بمتنفل.

-٤ - أن تتحد نية الإمام والمأموم في الفرض نفسه والوقت ذاته، فلا يصح اقتداء من يصلي فريضة الوقت بمن يصلي فائتة ولو كانت الصلاة ذاتها. ويصح اقتداء متنفل بمفترض.

-٥ - أن لا يقتدي مسافر بمقيم بعد خروج الوقت في قضاء الرباعية، لما يترتب عليه كون القعود الأول واجب في حق الإمام وفرض في حق المقتدي (المقتدي يصلي ركعتين فقط) . أما في الصلاة الحاضرة فيقتدي المسافر بالمقيم ويتابع إمامه فيصليها أربعاً، فعن أبي مجلز قال: قلت لابن عمر: "المسافر يدرك ركعتين من صلاة القوم - يعني المقيمين - أتجزيه الركعتان أو يصلي بصلاتهم. قال: فضحك وقال: يصلي بصلاتهم" (١) .

-٦ - أن لا يقتدي بالمسبوق لشبهة اقتدائه.

-٧ - أن لا يفصل بين الإمام والمقتدي صف من النساء.

-٨ - أن لا يفصل بين الإمام والمأموم نهر أو طريق يسع فيه صفين أو أكثر في غير المسجد. أما في المسجد فلا مانع من اتساع الفاصل لأن المسجد كله بقعة واحدة.

-٩ - أن لا يفصل بين الإمام والمأموم حائط كبير يؤدي إلى اشتباه حال الإمام على المأموم. أما إذا لم يشتبه حال الإمام على المأموم لسماعه أو رؤيته فلا يمنع الجدار من صحة الاقتداء. وبناء على ذلك أفتى بعض علماء الحنفية بجواز صحة اقتداء المأموم ولو من بيته إذا اتصلت الصفوف وكان بحيث يسمع الصلاة ويعرف حال إمامه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في غرفة السيدة عائشة رضي الله عنها والناس في المسجد يصلون بصلاته، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم فقام أناس يصلون بصلاته) (٢) .

-١١ - أن لا يكون الإمام راكباً والمقتدي واقفاً، أو العكس، أو راكبين على دابتين أو زورقين غير مقترنين. أما لو كانا راكبين على دابة أو زورق واحد صح الاقتداء، لما روي عن أنس بن سيرين قال: "خرجت مع أنس بن مالك في أرض بلبق سرين حتى إذا كنا بدجلة حضرت الظهر فأمنا قاعداً على بساط في السفينة وإن السفينة لتجر بنا جراً" (٣) .

-١٢ - أن لا يعلم المقتدي من حال إمامه المخالف لمذهبه مفسداً على مذهب المقتدي كخروج دم سائل أو قيء يملأ الفم.

- ويجوز عند الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف أن يقتدي متوضئ بمتيمم، أما عند الإمام محمد فلا يصح. كما يصح اقتداء غاسل بماسح على الجبيرة أو ضماد أو على جرح لا ينزف.

- ويصح اقتداء قائم بقاعد مطلقاً، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالناس في مرضه، فكان يصلي بهم، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج، وإذا أبو بكر يؤم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي كما أنت، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حذاء أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر) (٤) .

- ويصح الاقتداء بالأحدب إن لم يبلغ حدبه حد الركوع، فإذا بلغ حد الركوع وهو ينخفض للركوع قليلاً يجوز عندها ولا يجوز عند الإمام محمد.

- وإذا ظهر بطلان صلاة الإمام وجبت الإعادة على المأموم، ويجب أن يُعِلم الإمام المقتدين ببطلان صلاته حتى يعيدوا صلاتهم، لأن علياً رضي الله عنه صلى بالناس ثم تبين أنه محدث فأعاد وأمرهم أن يعيدوا. وقيل لا يجب عليه إعلام القوم.


(١) البيهقي: ج ٣ / ص ١٥٧.
(٢) البخاري: ج ١ / كتاب إقامة الصلاة باب ٥١/٦٩٦.
(٣) مجمع الزوائد: ج ٢ / ص ١٦٣، رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
(٤) ابن ماجه: ج ١ / كتاب إقامة الصلاة باب ١٤٢/١٢٣٣.

<<  <   >  >>