للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادساً - حالة وجوب الإمساك مع وجوب القضاء ولا إثم فيها:

-١ - إن تسحر بعد الفجر شاكاً أنه لم يطلع وقد طلع لا كفارة عليه للشبهة لأن الأصل بقاء الليل، ويأثم إثم ترك التثبت لا إثم جناية الإفطار. وإذا لم تبين له طلوع الفجر لا يجب عليه القضاء بالشك.

-٢ - إن أفطر ظاناً أن الشمس قد غربت ولم تغرب، ولابد من غلبة الظن لا مجرد الشك؛ لأن الأصل بقاء النهار فلا يكفي مجرد الشك لإسقاط الكفارة، بخلاف الشك في طلوع الفجر عملاً بالأصل في كل محل.

وفي الحالتين يجب عليه القضاء والإمساك بقية اليوم قضاء لحرمة الوقت بالقدر الممكن ونفياً للتهمة، فقد قيل "من أقام نفسه مقام التهمة فلا يلومن من أساء الظن به". ودليل وجوب القضاء ما روي عن حنظلة رضي الله عنه، وكان صديقاً لعمر رضي الله عنه، قال: "كنت عند عمر في رمضان فأفطر وأفطر الناس، فصعد المؤذن ليؤذن فقال: يا أيها الناس هذه الشمس لم تغرب. فقال عمر رضي الله عنه: كفانا الله شرك، إنا لم نبعثك راعياً. ثم قال عمر رضي الله عنه: من كان أفطر فليصم يوماً مكانه" (١) .

-٣ - إن أفطر خطأ بسبق ماء المضمضة والاستنشاق إلى جوفه.

-٤ - إن أفطر مكرهاً.

-٥ - إن أمسك اليوم كله ولم ينوِ صوماً وجب عليه القضاء لتفويت النية بالجهل ولفقد شرط الصحة.

ويكون القضاء في جميع الحالات على التراخي، فلو أخره حتى دخل رمضان آخر فلا فدية عليه بالتأخير، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان يكون عليّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان" (٢) . ولا يشترط التتابع (٣) في القضاء لإطلاق النص، لكن يستحب التتابع وعدم التأخير عن زمن القدرة مسارعة إلى الخير وبراءة للذمة.


(١) البيهقي: ج ٤ / ص ٢١٧.
(٢) البخاري: ج ٢ / كتاب الصوم باب ٣٩/١٨٤٩.
(٣) أما الصوم الواجب أداؤه فهو أداء رمضان وكفارة الظهار والقتل واليمين وكفارة الإفطار عمداً. وأما الصوم المخير أداؤه متتابعاً: فهو قضاء رمضان وفدية الحلق في الحج والمتعة والقران وجزاء الصيد والتطوع والنذر إلا أن ينذره متتابعاً.

<<  <   >  >>