للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شروط صحة أداء الزكاة:

-١ - النية: لأن الزكاة عبادة محضة. وتكون مقارنة للدفع أو عند عزل المال الواجب (لذا لا تدفع الزكاة عن الميت من تركته إلا إن أوصى فتدفع من أصل الثلث إلا أن يجيز الورثة) . فلو دفع للفقير بلا نية ثم نوى والمال قائم في يد الفقير أو نوى عند الدفع للوكيل جاز ولو دفع الوكيل بدون نية. ولا يجوز للوكيل أن يخلط زكاة موكله بماله فلو خلطها ضمِن الزكاة وكان متبرعاً بما يتصدق به. أما لو تصدق بدراهم نفسه ودراهم موكله قائمة مع نية الرجوع إليها أجزأته. ولو دفع زكاة موكله إلى ولده الفقير أو زوجته جاز. ولا يجوز أن يأخذها لنفسه إلا إذا قال الوكيل: ضعها حيث شئت.

-٢ - الإسلام: لأن النية لا تُتَصوّر من غير المسلم.

-٣ - أن يكون الأداء على الفور، وهو القول المُفتى به في المذهب وهو قول الإمام، فإن أخَّرها كان آثماً لأن تأخيرها مكروه تحريماً، ولأن الأمر بالوجوب معه قرينة حاجة الفقير وهي ملحة.

وقال الصاحبان: إن افتراض الزكاة على التراخي، ففي أي وقت أداها أجزأته. واستدلا على ذلك بأن هلاك النصاب بعد وجوب الزكاة مسقط لها إن أن يكون متعدياً.

-٤ - الدفع إلى المستحق (وهو أحد الأصناف الثمانية التي سيرد بيانها) .

-٥ - التمليك: فلابد لصحة أداء الزكاة من قبض الفقير لها أو وليه أو الوصي عليه. أما لو أطعم ونوى الزكاة فلا يجزئ. ولا يصح أداء الزكاة بإسقاط جزء من دين له على فقير، بأن يسامحه به أو بجزء منه بنية الزكاة عن ماله. لكن لو كان الدَّين نصاباً وسامحه به كاملاً سقطت الزكاة عن هذا النصاب. ولو كان المدين مستحقاً للزكاة فدفع الدائن له من زكاته ثم أعاده الفقير له على سبيل وفاء دينه جاز، أو قال: خذ من مَديني فلان مبلغاً من المال وكان ناوياً زكاة ماله صحّ.

-٦ - توزيعها على فقراء بلده. ويكره نقلها إلى بلد آخر لاطّلاع فقراء بلده على ماله وتعلق آمالهم بها، ولأنهم أولى بها، إلا أن يعطيها لفقراء من ذوي القربى، أو يكون في البلد الآخر محاويج ومجاعات فيجوز نقلها. وقد روي أن معاذاً رضي الله عنه نقل من صدقات أهل اليمن إلى المدينة لفقرهم وشدة احتياجهم.

-٧ - أن يكون الأداء من وسط المال في زكاة الأعيان (١) ، لأن أخذ الجيد يضر المالك وأخذ الرديء يضر الفقير، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: ( ... فإياك وكرائم أموالهم) (٢) .

وعن سويد بن غَفَلة قال: "أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم ... وأتاه رجل بناقة كَوماء (٣) فقال: خذها. فأبى...." (٤) . وعن قرة بن دعموص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وخذ صدقاتهم من حواشي أموالهم) (٥) .

-٨ - أن تخرج الزكاة من المال الحلال، فلا تجوز الزكاة بالمال الحرام القطعي.

ولا يشترط لصحة الأداء حولان الحول، لذا يصح تعجيل الزكاة لسنة أو سنتين أو سنوات، لما روي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: (إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام) (٦) .

ويشترط للتعجيل:

-١ - أن يكون المال عند التعجيل بالغاً النصاب ليتحقق سبب الوجوب.

-٢ - أن لا ينقطع النصاب أثناء الحول.

-٣ - أن يكون النصاب كاملاً في آخر الحول لأنه وقت وجوب الأداء.

ولا يشترط بقاء آخذ الزكاة مستحقاً ولا على قيد الحياة حتى تمام الحول، لأن المهم كونه مستحقاً عند الدفع إليه.

ويجوز دفع القيمة عوضاً عن عين المال، وكذا يجوز البدل بدفع القيمة في الكفارات والنذور وصدقة الفطر.

وتقدر القيمة يوم الأداء في السائمة بالاتفاق، وفي غيرها قال الصاحبان: يوم الأداء أيضاً وقال غيرهما: يوم الوجوب. وتعتبر القيمة في البلد الذي فيه المال، فإن كان المال في مفازة ففي أقرب الأمصار. روي عن معاذ رضي الله عنه أنه قال لأهل اليمن: "ائتوني بِعَرْضٍ، ثياب خَميص أو لَبيس (٧) ، في الصدقة، مكان الشعير والذرة، أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة" (٨) . بخلاف الهَدْي والأُضحية فلا تصح فيهما القيمة لأنها غير معقولة المعنى.

يكره إعطاء الفقير الواحد أكثر من نصاب إلا إذا كان مديوناً، فيجوز أن يعطي ما يكفي لوفاء دينه، أو إذا كان عنده عيال بحيث لو فرق عليهم ما أخذه يجب أن يصيب كل واحد منهم دون النصاب.


(١) الأعيان: مأخوذ من عَيْن الشيء، كزكاة النَّعم.
(٢) البخاري: ج ٢ / كتاب الزكاة باب ٦٢/ ١٤٢٥.
(٣) ناقة كوماء: أي ضخمة السَّنام.
(٤) البيهقي: ج ٤ / ص ١٠١.
(٥) البيهقي: ج ٤ / ص ١٠٢.
(٦) الترمذي: ج ٣ / كتاب الزكاة باب ٣٧/٦٧٩.
(٧) اللّبيس: الثوب إذا كَثُر لُبْسُه.
(٨) البخاري: ج ٢ / كتاب الزكاة باب ٣٢ تعليقاً.

<<  <   >  >>