للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً - الشروط المتعلقة بالمالك نفسه:

-١ - أن يكون المالك تاماً، أي أن يكون المال تحت يد المالك، فلا تجب الزكاة في مال مفقود ولا مغصوب، ولا في مال مدفون لا يعرف مكانه، ولا في مال مستملك للدولة. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا زكاة في مال الضِّمار) ، وروي عن أيوب السختياني "أن عمر بن عبد العزيز كتب في مالٍ قبضه بعض وُلاته ظلماً يأمر برَدِّه إلى أهله، وتؤخذ زكاته لما مضى من السنين، ثم عقب بعد ذلك بكتابٍ أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة فإنه كان ضماراً" (١) . وكذا كل مال كان مصادراً أو محجوزاً.

أما الدَّيْن فقسمه الأئمة إلى ثلاثة أقسام:

أ - الدين الضعيف، ومثله مهر المرأة قبل أن تقبضه، والدين المجحود الذي لا بيّنة عليه. وحكم زكاة هذا الدين يتبع الأموال السابقة بأن لا تدفع زكاة عليه قبل أن يقبض المالك نصاباً ويحول عليه الحول.

ب - الدين المتوسط، ومثله ثمن ما باعه من حاجاته الأصلية، فيدفع الدائن زكاة هذه الأموال عن السنوات التي لم يكن المال فيها تحت يده إذا قبض منها نصاباً، فكلما قبض نصاباً زكّاه لكل السنوات السابقة.

جـ - الدين القوي كبدل القرض أو ثمن المبيع بشرط أن يكون المبيع من مال التجارة أو أي مال مقرّاً به عن المدين، وتجب الزكاة على الدائن متى قبض منه خمس النصاب أي أربعين درهماً فأكثر، ويعتبر لما مضى من الحول، فيبدأ حوله من وقت بلوغ النصاب فيزكي عن الأعوام السابقة لما قبضه.

هذا حكم الزكاة في الدين إذا لم يكن عند المال نصاب من جنسه، أما إن كان عند المالك أموال غيرها فإن ما يقبض يضاف إلى نصاب من جنسه ويدفع زكاته متى حال الحول على الأصل لأنه له حكم المستفاد أثناء الحول.

ولا زكاة في المال الموقوف لعدم الملك فيه، ولا في الزرع النابت بأرض مباحة، ولا زكاة في المال المشترى قبل القبض فإذا قبضه زكاه لما مضى (٢) .

-٢ - أن يكون المال فارغاً عن دين حان أجله مطالب به من جهة العباد (٣) . وقيل: إن الدين المؤجل يمنع، والأصح هو الأول. أي إن لا يكون المالك مديوناً فيكون المال متعلقاً بحق الدين، لأن الدين حاجة أصلية والملك مع وجود الدين يعتبر ناقصاً والزكاة وجبت شكراً للنعمة التامة، ولأن الله تعالى جعل للغارمين حقاً في أموال الزكاة لقضاء ديونهم.

ويقصد بالدين المانع من الزكاة: الدين الذي له مطالب من قبل العباد. سواء أكان دين الله كالزكاة (لأنه مطالب بها من قبل الإمام) ، أو دين العباد كالقرض وصداق الزوجة والنفقات والكفالة.

أما دين الله الذي ليس له مطالب من قبل العباد، كالكفارات والنذور والحج، فلا تمنع من وجوب الزكاة لعدم المطالب.

أما زكاة الزروع والثمار فإنها متعلقة بعين الزرع لذلك لا يمنع وجود الدين من وجوبها.

-٣ - أن يكون النصاب زائداً عن حوائجه الأصلية، لما روي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا) (٤) . ومما يدل على وجوب تقديم حوائجه الأصلية، من الطعام والسكن والكتب والركوب. ولو كان عنده مال فأمسكه لحاجة أصلية، كشراء بيت أو زواج، وحال عليه الحول، وهو بيده، وجب فيه الزكاة (٥) .

-٤ - أن يكون النصاب من الأموال التي نصَّ الشارع على وجوب الزكاة فيها.

-٥ - حَوَلان الحول على جميع أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة باستثناء زكاة الزروع والثمار. ومعنى حولان الحول: مرور سنة قمرية على ملكية النصاب، لما روي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول) (٦) ، ولأنه لا بد من التمكن من التصرف في النصاب مدة يتحقق فيها النماء.

ويبدأ حول أموال المجنون عند إفاقته، وأموال الصبي عندما يبلغ، وحول أموال السوائم (٧) ، إن اشتراها للتجارة ثم سامها، من وقت السَّوم لا من وقت الشراء.

والمعتبر في كمال النصاب طرفا الحول سواء بقي في أثنائه أم هلك جزء منه.

-٦ - أن يكون المال نامياً، ويقصد بذلك الثمنية بالنسبة للدراهم والسَّوم للأنعام، ونية التجارة في العروض سواء أكانت هذه النية صراحة أم دلالة بالبيع والشراء.


(١) الموطأ: ص ١٦٩.
(٢) المال المشترى قبل القبض مملوك للمشتري ملكاً تاماً ولكنه لم يدخل في ضمانه. إلا إذا كان الشراء فاسداً فإنه لا يدخل في ملك المشتري قبل القبض وإنما يملك بالقبض. وعلى كل إذا اشترى شيئاً صحيحاً ولم يقبضه ثم قبضه زكاه لما مضى.
(٣) الدين ثلاثة أقسام: ١ - دين خالص للعباد. ٢ - دين لله تعالى لكن له مطالباً من جهة العباد، والمطالب هو الإمام. ٣ - دين خالص لله تعالى ليس له مطالب من جهة العباد كالنذور والكفارات وصدقة الفطر ونفقة الحج.
(٤) مسلم: ج ٢ / كتاب الزكاة باب ١٣ / ٤١.
(٥) ووجب الحج إن حان وقت الحج ولم يتزوج.
(٦) أبو داود: ج ٢ / كتاب الزكاة باب ٤ / ١٥٧٣.
(٧) السوائم: الماشية والإبل الراعية.

<<  <   >  >>