للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلبه للعلم:

تثقف أبو حنيفة رضي الله عنه بالثقافة الإسلامية التي كانت في عصره، فقد حفظ القرآن على قراءة عاصم، ودرس الحديث، وعرف قدراً من النحو والأدب والشعر، كما درس علم الكلام وأصول الدين، وجادل الفرق المختلفة في مسائل الاعتقاد وما يتصل به، ثم عدل إلى الفقه واستمر عليه واستغرق كل مجهوده الفكري، وقد ذكر في اختياره للفقه قوله: "كلما قلبته وأدرته لم يزدد إلا جلالة ... ورأيت أنه لا يستقيم أداء الفرائض وإقامة الدين والتعبد إلا بمعرفته، وطلب الدنيا والآخرة إلا به".

وقد اتجه أبو حنيفة رضي الله عنه إلى دراسة الفتيا على المشايخ الكبار الذين كانوا في عصره، ولزم شيخه حماد بن أبي سليمان مذ كان في الثانية والعشرين من عمره إلى أن مات شيخه وأبو حنيفة رضي الله عنه في الأربعين من عمره.

ومع ملازمة أبي حنيفة رضي الله عنه لشيخه حماد فقد كان كثير الرحلة إلى بيت الله الحرام حاجاً، يلتقي في مكة والمدينة بالفقهاء والمحدثين والعلماء، يروي عنهم الأحاديث ويذاكرهم الفقه ويدارسهم ما عندهم من طرائق.

وكان يتتبع التابعين أينما وحيثما ثقفوا، وخصوصاً من اتصل منهم بصحابة امتازوا في الفقه والاجتهاد، وقد قال في ذلك: "تلقيت فقه عمر وفقه عبد الله بن مسعود وفقه ابن عباس عن أصحابهم".

وقد جلس الإمام أبو حنيفة في الأربعين من عمره في مجلس شيخه حماد بمسجد الكوفة، وأخذ يدارس تلاميذه ما يعرض له من فتاوى وما يبلغه من أقضية، ويقيس الأشباه بأشباهها والأمثال بأمثالها بعقل قوي مستقيم ومنطق قويم، حتى وضع تلك الطريقة الفقهية التي اشتق منها المذهب الحنفي.

<<  <   >  >>