فَهَذَا حَال هَذِه الطَّائِفَة من الْيَهُود أَعنِي القرائين وَلَهُم أَيْضا فُقَهَاء أَصْحَاب تصانيف إِلَّا أَنهم لم يبالغوا فِي الْكَذِب على الله تَعَالَى إِلَى حد أَن يدعوا النُّبُوَّة وَلَا نسبوا شَيْئا من تفاسيرهم إِلَى النَّبِي وَلَا إِلَى الله تَعَالَى بل إِلَى اجتهادهم
والفرقة الثَّانِيَة يُقَال لَهُم الربانيون
وهم أَكثر عددا وهم شيعَة الحخاميم الْفُقَهَاء المفترين على الله عز وَجل الَّذين يَزْعمُونَ أَن الله كَانَ يخاطبهم فِي كل مَسْأَلَة بالصوت الَّذِي أسموه بَث قَول
وَهَذِه الطَّائِفَة أَشد الْيَهُود عَدَاوَة لغَيرهم من الْأُمَم لِأَن أُولَئِكَ الْفُقَهَاء المفترين على الله تَعَالَى قد أوهموهم أَن المأكولات والمشروبات إِنَّمَا تحل للنَّاس بِأَن يستعملوا فِيهَا هَذَا الْعلم الَّذِي نسبوه إِلَى مُوسَى وَإِلَى الله تَعَالَى وَأَن سَائِر الْأُمَم لَا يعْرفُونَ هَذَا وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا شرفهم الله بِهَذَا وَأَمْثَاله من الترهات الَّتِي أفسدوا بهَا عُقُولهمْ فَصَارَ أحدهم ينظر إِلَى من لَيْسَ على مِلَّته كَمَا ينظر إِلَى بعض الْحَيَوَانَات الَّتِي لَا عقل لَهَا وَينظر إِلَى المآكل الَّتِي تأكلها الْأُمَم كَمَا ينظر الرجل الْعَاقِل إِلَى الْعذرَة أَو إِلَى صديد الْمَوْتَى وَغير ذَلِك من الْأَشْيَاء القذرة الَّتِي لَا يسوغ لأحد أكلهَا