للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بإسنادات يخترعها حَتَّى لَا يشكوا فِي ذَلِك

فَإِن وصل بعد مُدَّة طَوِيلَة من أهل بَلَده من يعرف أَنه كَاذِب فِي تِلْكَ الإسنادات فَلَا يَخْلُو أمره من أَن يُوَافقهُ أَو يُخَالِفهُ

فَإِن وَافقه فَإِنَّمَا يُوَافقهُ ليشاركه فِي الرِّئَاسَة الناموسية الَّتِي حصلت لَهُ وخوفا من أَن يكذب إِن خَالفه وينسب إِلَى قلَّة الدّين

وَأَيْضًا فَإِن القادم الثَّانِي فِي أَكثر الْأَمر يستحسن مَا اعْتَمدهُ القادم الأول من تَحْرِيم الْمُبَاحَات وإنكار المحللات وَيَقُول لَهُم لقد عظم الله ثَوَاب فلَان إِذْ قوى ناموس الدّين فِي قُلُوب هَذِه الْجَمَاعَة وشيد سياج الشَّرْع عِنْدهم

وَإِذا لقِيه على الِانْفِرَاد يشكره ويجزيه خيرا أَو يَقُول لَهُ لقد زين الله بك أهل بلدنا

وَإِن كَانَ القادم الثَّانِي يُنكر مَا أَتَى بِهِ القادم الأول من الْإِنْكَار عَلَيْهِم والتضييق لم يبْق من الْجَمَاعَة وَاحِد يستصحبه وَلَا يصدقهُ بل جَمِيعهم ينسبونه إِلَى قلَّة الدّين لِأَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم يَعْتَقِدُونَ أَن تضييق الْمَعيشَة وَتَحْرِيم المحللات هُوَ الْمُبَالغَة فِي الدّين والزهد وهم أبدا يَعْتَقِدُونَ أَن الدّين وَالْحق مَعَ من يضيق عَلَيْهِم وَلَا ينظرُونَ هَل يَأْتِي بِدَلِيل أم لَا وَلَا يبحثون عَن كَونه محقا أم مُبْطلًا

هَذَا حَال القادم إِلَى بلد من متفقهتهم

<<  <   >  >>