للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِن لم تكن أَتَت بِزِيَادَة فقد صَارَت عَبَثا إِذْ لَا زِيَادَة فِيهَا على مَا تقدم وَلم تغن شَيْئا فَلَا يجوز أَن تكون صادرة عَن الله تَعَالَى فيلزمكم أَن التَّوْرَاة لَيست من عِنْد الله تَعَالَى وَذَلِكَ كفر على مذهبكم وَإِن كَانَت التَّوْرَاة أَتَت بِزِيَادَة فَهَل فِي تِلْكَ الزِّيَادَة تَحْرِيم مَا كَانَ مُبَاحا أم لَا

فَإِن أَنْكَرُوا ذَلِك بَطل قَوْلهم من وَجْهَيْن

أَحدهمَا أَن التَّوْرَاة حرمت الْأَعْمَال الصناعية فِي يَوْم السبت بعد أَن كَانَ ذَلِك مُبَاحا وَهَذَا بِعَيْنِه هُوَ النّسخ

وَالثَّانِي أَنه لَا معنى للزِّيَادَة فِي الشَّرْع إِلَّا تَحْرِيم مَا تقدّمت إِبَاحَته أَو إِبَاحَة مَا تقدم تَحْرِيمه

فَإِن قَالُوا إِن الْحَكِيم لَا يحظر شَيْئا ثمَّ يبيحه لِأَن ذَلِك إِن جَازَ مثله كَانَ كمن أَمر بِشَيْء وضده

فَالْجَوَاب

أَن من أَمر بِشَيْء وضده فِي زمانين مُخْتَلفين غير مُنَاقض بَين أوامره وَإِنَّمَا يكون كَذَلِك لَو كَانَ الْأَمْرَانِ فِي وَقت وَاحِد

فَإِن قَالُوا إِن التَّوْرَاة حظرت أُمُور كَانَت مُبَاحَة من قبل وَلم تأت بِإِبَاحَة مَحْظُور والنسخ الْمَكْرُوه هُوَ إِبَاحَة الْمَحْظُور لِأَن من أُبِيح لَهُ شَيْء فَامْتنعَ عَنهُ وحظره على نَفسه فَلَيْسَ بمخالف وَإِنَّمَا الْمُخَالف من منع من شَيْء فَأَتَاهُ لاستباحته الْمَحْظُور

<<  <   >  >>