للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِذا كَانَ هَذَا تَوَاتر الْآفَات على شرعهم من قبل مُلُوكهمْ وَمِنْهُم على أنفسهم فَمَا ظَنك بالآفات المتفتنة الَّتِي تَوَاتَرَتْ عَلَيْهِم من اسْتِيلَاء الْأُمَم فِيمَا بعد عَلَيْهِم وَقتل أئمتهم وإحراق كتبهمْ ومنعهم إيَّاهُم عَن الْقيام بشرائعهم

فَإِن الْفرس كثيرا مَا منعوهم عَن الختانة وَكَثِيرًا مَا منعوهم عَن الصَّلَاة لمعرفتهم أَن مُعظم صلوَات هَذِه الطَّائِفَة دُعَاء على الْأُمَم بالبوار وعَلى الْعَالم بالخراب سوى بِلَادهمْ الَّتِي هِيَ أَرض كنعان

فَلَمَّا رَأَتْ الْيَهُود الْجد من الْفرس فِي مَنعهم عَن الصَّلَاة اخترعوا أدعية مزجوا بهَا فصولا من صلَاتهم وسموها الخزانة وصاغوا لَهَا ألحانا عديدة وصاروا يَجْتَمعُونَ أَوْقَات صلواتهم على تلحينها وتلاوتها

وَالْفرق بَين هَذِه الخزانة وَبَين الصَّلَاة أَن الصَّلَاة بِغَيْر لحن وَأَن الْمصلى يَتْلُو الصَّلَاة وَحده وَلَا يجْهر مَعَه غَيره وَأما الْخزَّان فيشاركه جمَاعَة فِي الْجَهْر بالخزانة ويعاونونه فِي الألحان فَكَانَت الْفرس إِذا أنْكرت ذَلِك مِنْهُم زعمت الْيَهُود أَنهم يغنون أَحْيَانًا وينوحون أَحْيَانًا على أنفسهم فتركوهم وَذَلِكَ

وَمن الْعجب أَن دولة الْإِسْلَام لما جَاءَت مقرة للذمة على أديانها وَصَارَت الصَّلَاة مُبَاحَة لَهُم صَارَت الخزانة عِنْد الْيَهُود من السّنَن المستحبة فِي الأعياد والمواسم والأفراح يجعلونها عوضا عَن الصَّلَاة ويستغنون بهَا عَنْهَا من غير ضَرُورَة تبعثهم على ذَلِك

<<  <   >  >>