فَإِن قُلْتُمْ إيمَاننَا بِهِ كَإِيمَانِ كثير من الصَّالِحين والزهاد بإلياس وَالْخضر والغوث والقطب مِمَّن لَا يعرف وجودهم وَلَا أَمرهم وَلَا نهيهم
قُلْنَا لَيْسَ الْإِيمَان بوجودهم وَاجِبا عِنْد أحد من الْعلمَاء فَمن أوجب الْإِيمَان بوجودهم كَانَ قَوْله مردودا كقولكم وَغَايَة مَا يَقُوله الزهاد فِي أُولَئِكَ أَن الْمُصدق بوجودهم أكمل وَأفضل مِمَّن يُنكر وجودهم وَمَعْلُوم بالإضطرار من الدّين أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يشرع لأمته التَّصْدِيق بِوُجُود هَؤُلَاءِ
فَأَما من زعم أَن القطب أَو الْغَوْث هُوَ الَّذِي يمد أهل الأَرْض فِي هدَاهُم ونصرهم ورزقهم وَأَن هَذِه الْأُمُور لَا تصل إِلَى أحد من أهل الأَرْض إِلَّا بواسطته فَهَذَا ضال يشبه قَوْله قَول النَّصَارَى فِي الْبَاب وَهَذَا كَمَا قَالَ بعض الجهلة فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي شيوخهم أَن علم أحدهم ينطبق على علم الله وَقدرته فَيعلم مَا يُعلمهُ الله وَيقدر مَا يقدره الله
وَلَقَد خلا بِي بعض الإمامية وَطلب أَن أَتكَلّم مَعَه فقررت لَهُ قَوْلهم من أَن الله تَعَالَى أَمر الْعباد ونهاهم فَيجب أَن يفعل بهم اللطف وَالْإِمَام لطف لِأَن النَّاس إِذا كَانَ لَهُم إِمَام يَأْمُرهُم بِالْوَاجِبِ وينهاهم عَن الْقَبِيح كَانُوا أقرب إِلَى فعل الْمَأْمُور فَيجب أَن يكون لَهُم إِمَام وَلَا بُد أَن يكون مَعْصُوما ليحصل الْمَقْصُود بِهِ
وَلم تدع الْعِصْمَة لأحد بعد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا لعَلي فَتعين أَن يكون إِيَّاه للْإِجْمَاع على أَن غَيره لَيْسَ بمعصوم وَعلي قد نَص على الْحسن وَالْحسن على الْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُم إِلَى أَن انْتَهَت النّوبَة إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن المنتظر