للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ينازعون فِي قَوْلهم إِن مَا لَا يَخْلُو عَن الْحَوَادِث فَهُوَ حَادث

قَالَ وَذهب الْأَكْثَر مِنْهُم إِلَى أَن الرب يفعل القبائح وَالْكفْر وَأَن جَمِيع ذَلِك وَاقع بِقَضَاء الله وَقدره وَأَن العَبْد لَا تَأْثِير لَهُ فِي ذَلِك وَأَن الله يُرِيد الْمعاصِي من الْكَافِر وَلَا يُرِيد مِنْهُ طَاعَة

قُلْنَا قد تقدم أَن مسَائِل الْقدر وَالتَّعْدِيل والتجوير لَيست ملزومة لمسائل الْإِمَامَة وَلَا لَازِمَة لَهَا وَأَنت تعيدها وتبدئها

فَإِن خلقا مِمَّن يقر بإمامة أبي بكر وَعمر قدرية وخلقا من الرافضة بعكس ذَلِك فَلَيْسَ أحد الْبَابَيْنِ مرتبطا بِالْآخرِ أصلا

وَالْمَنْقُول عَن أهل الْبَيْت فِي إِثْبَات الْقدر وَالصِّفَات لَا ينْحَصر

وَلَكِن متأخرو الرافضة جمعُوا إِلَى رفضهم التجهم وَالْقدر كصاحب هَذَا الْكتاب

وقولك عَنْهُم إِن العَبْد لَا تَأْثِير لَهُ فِي الْكفْر والمعاصي فَنقل بَاطِل بل جُمْهُور من أثبت الْقدر يَقُول إِن العَبْد فَاعل لفعله حَقِيقَة وَإِن لَهُ قدرَة واستطاعة

وَلَا يُنكرُونَ تَأْثِير الْأَسْبَاب الطبيعية بل يقرونَ بِمَا دلّ عَلَيْهِ الشَّرْع وَالْعقل من أَن الله يخلق السَّحَاب بالرياح وَينزل المَاء بالسحاب وينبت النَّبَات بِالْمَاءِ وَالله خَالق السَّبَب والمسبب

وَمَعَ أَنه خَالق السَّبَب فَلَا بُد لَهُ من سَبَب آخر يُشَارِكهُ وَلَا بُد لَهُ من معَارض يمانعه فَلَا يتم أَثَره مَعَ خلق الله لَهُ إِلَّا بِأَن يخلق الله السَّبَب الآخر ويزيل الْمَوَانِع وَلَكِن مَا قلته هُوَ قَول الْأَشْعَرِيّ وَمن وَافقه لَا يثبتون فِي الْمَخْلُوقَات قوى وَلَا طبائع وَيَقُولُونَ إِن الله فعل عِنْدهَا لَا بهَا وَيَقُولُونَ قدرَة العَبْد لَا تَأْثِير لَهَا فِي الْفِعْل

وأبلغ من ذَلِك قَول الْأَشْعَرِيّ إِن الله فَاعل فعل العَبْد وَإِن فعل العَبْد لَيْسَ فعله بل كسب لَهُ

<<  <   >  >>