للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقرب مِنْهُ إِلَى أَن يكون مدحا وَنحن نعلم أَن مَا يحْكى عَن فَاطِمَة وَغَيرهَا من الصَّحَابَة من القوادح كثير مِنْهَا كذب وَبَعضهَا كَانُوا فِيهِ متأولين وَإِذا كَانَ بَعْضهَا ذَنبا فَلَيْسَ الْقَوْم معصومين بل هم مَعَ كَونهم أَوْلِيَاء الله من أهل الْجنَّة لَهُم ذنُوب يغفرها الله لَهُم

وَكَذَلِكَ مَا ذكره من حَلفهَا أَنَّهَا لَا تكَلمه وَلَا صَاحبه حَتَّى تلقى أَبَاهَا وتشتكي إِلَيْهِ أَمر لَا يَلِيق أَن يذكر عَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا فَإِن الشكوى إِنَّمَا تكون إِلَى الله تَعَالَى كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح (إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله) وَفِي دُعَاء مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام اللَّهُمَّ لَك الْحَمد وَإِلَيْك المشتكى وَأَنت الْمُسْتَعَان وَبِك المستغاث

وَعَلَيْك التكلان وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإبن عَبَّاس إِذا سَأَلت فاسأل الله وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه وَلم يقل سلني واستعن بِي وَقد قَالَ تَعَالَى (فَإِذا فرغت فانصب وَإِلَى رَبك فارغب)

وَمن الْمَعْلُوم أَن طَالبا إِذا طلب مَالا من ولي الْآمِر فَلم يُعْطه إِيَّاه لكَونه لَا يسْتَحقّهُ عِنْده وَهُوَ بِأَخْذِهِ لم يُعْطه لأحد من أَهله وَلَا أصدقائه بل أعطَاهُ لجَمِيع الْمُسلمين وَقيل إِن الطَّالِب غضب على الْحَاكِم كَانَ غَايَة ذَلِك أَنه غضب لكَونه لم يُعْطه مَالا وَقَالَ الْحَاكِم إِنَّه لغيرك لَا لَك فَأَي مدح للطَّالِب فِي هَذَا الْغَضَب وَلَو كَانَ مَظْلُوما مَحْضا لم يكن غَضَبه إِلَّا للدنيا

وَكَيف والتهمة عِنْد الْحَاكِم الَّذِي لَا يَأْخُذ لنَفسِهِ أبعد من التُّهْمَة عِنْد الطَّالِب الَّذِي يُرِيد أَن يَأْخُذ لنَفسِهِ فَكيف تحال التُّهْمَة على من لَا يَأْخُذ لنَفسِهِ مَالا وَلَا تحال على من يطْلب لنَفسِهِ المَال وَكَذَلِكَ الْحَاكِم يَقُول إِنَّمَا أمنع لله لِأَنِّي لَا يحل لي أَن آخذ المَال من مُسْتَحقّه فأدفعه إِلَى غير مُسْتَحقّه

والطالب

<<  <   >  >>