فَمَا محبتكم عليا إِلَّا من جنس محبَّة النَّصَارَى عِيسَى بن مَرْيَم أطروه وبالغوا وَلم يرْضوا لَهُ بالمنزلة الَّتِي جعلهَا الله لَهُ وَبِهَذَا يتَبَيَّن الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُسلم عَن عَليّ أَنه قَالَ لعهد النَّبِي الْأُمِّي إِلَى أَن لَا يحبني إِلَّا مُؤمن وَلَا يبغضني إِلَّا مُنَافِق فَإِن الرافضة لَا تحبه على مَا هُوَ عَلَيْهِ وَتبْغض نَعته من وَجه كَمَا كَانَ النَّصَارَى وَالْيَهُود يبغضون من صدق بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأقر بِهِ فموسى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام مقران بذلك
وكما أَن عليا يحب أَبَا بكر وَعمر قطعا والرافضة يبغضون من أحبهما فهم داخلون فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يبغضك إِلَّا مُنَافِق
وَهَكَذَا نجد كل من أحب شَيخا على صفة مَا هُوَ قَائِم بهما فِي نفس الْأَمر كمن إعتقد أَن شَيْخه يشفع فِي كل مريديه وَأَنه يرزقه وينصره ويفرج كربته ويعينه فِي الضرورات أَو أَنه يعلم المغيبات
وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يبغض الْأَنْصَار رجل يُؤمن بِاللَّه الْيَوْم الآخر ودعا لأبي هُرَيْرَة وَأمه أَن يحببهما الله إِلَى عباده الْمُؤمنِينَ
وَقَالَ روى ابْن عمر قَالَ مَا كُنَّا نَعْرِف الْمُنَافِقين إِلَّا ببغضهم عليا فَهَذَا يعلم كل عَالم أَنه كذب إِذْ للنفاق عَلَامَات كَثِيرَة وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام آيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار وَقَالَ آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث وَقد قَالَ تَعَالَى فِي الْقُرْآن فِي صفة الْمُنَافِقين (وَمِنْهُم من يَلْمِزك فِي الصَّدقَات فَإِن أعْطوا مِنْهَا رَضوا)(وَمِنْهُم الَّذين يُؤْذونَ النَّبِي) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَمِنْهُم من يَقُول أئذن لي وَلَا تفتني) وَمِنْهُم من يَقُول (أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا) وَذكر لَهُم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي سُورَة بَرَاءَة وَغَيرهَا من العلامات وَالصِّفَات مَا لَا يسع هَذَا