للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أَمر مَشْهُور متواتر لَا يُمكن جَحده وَهَذَا معنى كَونه إِمَامًا وَخَلِيفَة وسلطانا كَمَا أَن إِمَام الصَّلَاة هُوَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَإِذا رَأينَا رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ كَانَ القَوْل بِأَنَّهُ إِمَام أمرا مشهودا محسوسا لَا تمكن المكابرة فِيهِ

وَأما كَونه برا أَو فَاجِرًا مُطيعًا أَو عَاصِيا فَذَاك أَمر آخر

فَأهل السّنة إِذا اعتقدوا إِمَامَة الْوَاحِد من هَؤُلَاءِ يزِيد أَو عبد الْملك أَو الْمَنْصُور أَو غَيرهم كَانَ بِهَذَا الإعتبار

وَمن نَازع فِي هَذَا فَهُوَ شَبيه بِمن نَازع فِي ولَايَة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَفِي ملك كسْرَى وَقَيْصَر وَالنَّجَاشِي وَغَيرهم

وَأما كَون الْوَاحِد من هَؤُلَاءِ مَعْصُوما فَلَيْسَ هَذَا إعتقاد أحد من الْعلمَاء

وَكَذَلِكَ كَونه عادلا لَهُ كل أُمُوره مُطيعًا فِي جَمِيع أَفعاله لَيْسَ هَذَا إعتقاد أحد من الْمُسلمين

وَكَذَلِكَ وجوب طَاعَته فِي كل مَا يَأْمر بِهِ وَإِن كَانَ مَعْصِيّة لله لَيْسَ هُوَ إعتقاد أحد من الْمُسلمين

وَلَكِن مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة أَن هَؤُلَاءِ يشاركون فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِم فِيهِ من طَاعَة الله فنصلي خَلفهم الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ وَغَيرهمَا من الصَّلَوَات الَّتِي يقيمونها هم لِأَنَّهَا لَو لم تصل خَلفهم أفْضى إِلَى تعطليها

ونجاهد مَعَهم الْكفَّار

ونحج مَعَهم الْبَيْت الْعَتِيق

ويستعان بهم فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَإِقَامَة الْحُدُود

فَإِن الْإِنْسَان لَو قدر أَن يحجّ فِي رفقه لَهُم ذنُوب وَقد جَاءُوا يحجون لم يضرّهُ هَذَا شَيْئا

وَكَذَلِكَ الْغَزْو وَغَيره من الإعمال الصَّالِحَة إِذا فعلهَا الْبر وشاركه فِي ذَلِك الْفَاجِر لم يضرّهُ ذَلِك شَيْئا فَكيف إِذا لم يُمكن فعلهَا إِلَّا على هَذَا الْوَجْه ويستعان بهم أَيْضا فِي الْعدْل فِي الحكم وَالْقسم فَإِنَّهُ لَا يُمكن عَاقِلا أَن يُنَازع فِي أَنهم كثيرا مَا يعدلُونَ فِي حكمهم وقسمهم ويعاونون على الْبر وَالتَّقوى

<<  <   >  >>