للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ماحية ومصائب مكفرة وَقد قَالَ تَعَالَى (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) وَقد صَحَّ أَن أول جَيش يَغْزُو الْقُسْطَنْطِينِيَّة مغْفُور لَهُم وَأول جَيش غَزَاهَا كَانَ أَمِيرهمْ يزِيد وَنحن نعلم أَن أَكثر الْمُسلمين لَا بُد لَهُم من ظلم فَإِن فتح هَذَا الْبَاب سَاغَ أَن يلعن أَكثر موتى الْمُسلمين وَالله تَعَالَى أَمر بِالصَّلَاةِ على موتى الْمُسلمين لم يَأْمر بلعنتهم

ثمَّ الْكَلَام فِي لعنة الْأَمْوَات أعظم من لعنة الْحَيّ وَقد صَحَّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا تسبوا الْأَمْوَات فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا

وَأما نقلك عَن أَحْمد فالثابت عَنهُ من رِوَايَة ابْنه صَالح أَنه قَالَ وَمَتى رَأَيْت أَبَاك يلعن أحدا وَنقل عَنهُ لعنته من رِوَايَة مُنْقَطِعَة لَيست ثَابِتَة عَنهُ

وَقَوله تَعَالَى (أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله) لَا يدل على لعن معِين وَلَو كَانَ كل ذَنْب لعن فَاعله يلعن الْمعِين الَّذِي فعله للعن جُمْهُور النَّاس وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْوَعيد الْمُطلق لَا يسْتَلْزم ثُبُوته فِي حق الْمعِين إِلَّا إِذا وجدت شُرُوطه وانتفت موانعه وَهَكَذَا اللَّعْن

هَذَا بِتَقْدِير أَن يكون يزِيد فعل مَا يقطع بِهِ الرَّحِم

ثمَّ إِن هَذَا تحقق فِي كثير من بني هَاشم الَّذين تقاتلوا من العباسيين والطالبيين فَهَل يلعن هَؤُلَاءِ كلهم وَكَذَلِكَ من ظلم قرَابَة لَهُ لَا سِيمَا وَبَينه وَبَينه عدَّة آبَاء أيلعنه بِعَيْنِه ثمَّ إِذا لعن هَؤُلَاءِ لعن كل من شَمله أَلْفَاظه وَحِينَئِذٍ فيلعن جُمْهُور الْمُسلمين

وَقَوله تَعَالَى (فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم) وَعِيد عَام فِي كل من فعل ذَلِك فقد فعل بَنو هَاشم بَعضهم بِبَعْض أعظم مِمَّا فعل يزِيد فَإِن قلت بِمُوجبِه لعنت مَا شَاءَ الله من العباسيين والعلويين وَغَيرهم

<<  <   >  >>