أَن الله فهم سُلَيْمَان من الحكم مَا لم يفهمهُ دَاوُد كَمَا قَالَ تَعَالَى (ففهمناها سُلَيْمَان) وَكَانَ سُلَيْمَان قد سَأَلَ الله حكما يُوَافق حكمه فَأعْطَاهُ وَمَا نعلم أَن سُلَيْمَان أفضل من دَاوُد وَقد جَاءَ أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ أعبد الْبشر
قَالَ وَأمر برجم امْرَأَة ولدت لسِتَّة أشهر فَقَالَ لَهُ على إِن خاصمتك بِكِتَاب الله خصمتك إِن الله يَقُول (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا) وَقَالَ تَعَالَى (والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ)
قُلْنَا كَانَ عمر يستشير الصَّحَابَة وَبِهَذَا مدح الله الْمُؤمنِينَ بقوله (وَأمرهمْ شُورَى بَينهم)
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن عمر خطب فِي آخر عمره وَقَالَ الرَّجْم حق على من زنى إِذا قَامَت الْبَيِّنَة أَو كَانَ الْحَبل أَو الإعتراف
وَكَذَا اخْتلفُوا فِي الشَّارِب إِذا تقيأها
وَلَعَلَّ عمر جوز أَن تَلد امْرَأَة لدوّنَ سِتَّة أشهر وَرَآهُ من النَّادِر كَمَا وجد فِي النَّادِر من حملت أَربع سِنِين وَمن حملت سبع سِنِين وَفِي حد ذَلِك نزاع بَين الْعلمَاء
وَالْجَوَاب أَن عمر أسعد الصَّحَابَة الْمُخْتَلِفين فِي الْجد بِالْحَقِّ
فَإِن الصَّحَابَة فِي الْجد مَعَ الْإِخْوَة على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا أَن يسْقط الْإِخْوَة وَهَذَا قَول أبي بكر وَأبي مُوسَى وَأبي عَبَّاس وَطَائِفَة وَمذهب أبي حنيفَة وَابْن سُرَيج من الشَّافِعِيَّة وَأبي حَفْص الْبَرْمَكِي من الْحَنَابِلَة وَهُوَ الْحق فَإِن نِسْبَة بني الْإِخْوَة من الْأَب إِلَى الْجد كنسبة الْأَعْمَام بني الْجد إِلَى الْجد وَقد اتّفق الْمُسلمُونَ على أَن الْجد هُنَا أَب وَالْأَب أولى من الْأَعْمَام فَيجب أَن يكون أَبُو الْأَب أولى