) فَلَمَّا لم يغره الله بهم وَلم يقتلهُمْ تقتيلا دلّ على أَنهم انْتَهوا وَمَا كَانَ مَعَه يَوْم الشَّجَرَة مِنْهُم إِلَّا الْجد بن قيس فَإِنَّهُ إختبأ خلف بعيره
فبالجملة كَانَ المُنَافِقُونَ مغمورين مقهورين مَعَ الصَّحَابَة وَلَا سِيمَا فِي آخر أَيَّام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعد تَبُوك لِأَن الله تَعَالَى قَالَ فيهم {يَقُولُونَ لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل} ثمَّ قَالَ الله {وَللَّه الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمنِينَ وَلَكِن الْمُنَافِقين لَا يعلمُونَ}
هَذِه صِفَات الذَّلِيل المقهور وَأما السَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فَمَا زَالُوا أعز النَّاس بعد نَبِيّهم وَقبل مَوته فَلَا يجوز أَن يكون الأعزاء من خَاصَّة أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منافقين وَلَا أدلاء
بل هَذِه صفة الرافضة فشعارهم الذل ودثارهم النِّفَاق والتقية وَرَأس مَالهم الْكَذِب وَالْإِيمَان الْفَاجِرَة إِن لم يقعوا فِي الغلو والزندقة يَقُولُونَ بألسنتهم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبهم ويكذبون على جَعْفَر الصَّادِق أَنه قَالَ التقية ديني وَدين آبَائِي وَقد نزه الله أهل الْبَيْت عَن ذَلِك وَلم يحوجهم إِلَيْهِ فَكَانُوا من أصدق النَّاس وأعظمهم إِيمَانًا فدينهم التَّقْوَى لَا التقية
فَأَما قَوْله تَعَالَى {لَا يتَّخذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافرين أَوْلِيَاء من دون الْمُؤمنِينَ وَمن يفعل ذَلِك فَلَيْسَ من الله فِي شَيْء إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} (فَهَذَا أَمر بالإتقاء من الْكفَّار لَا أَمر بِالْكَذِبِ والتقية وَالله قد أَبَاحَ لمن أكره على الْكفْر التَّكَلُّم بِهِ فَأهل الْبَيْت مَا أكرههم أحد على شَيْء حَتَّى إِن أَبَا بكر لم يكره أحدا مِنْهُم على بيعَته بل بَايعُوهُ لما أَرَادوا طَوْعًا مِنْهُم وَلَا كَانَ عَليّ وَلَا غَيره يذكرُونَ فضل الصَّحَابَة وَالثنَاء عَلَيْهِم خوفًا من أحد وَلَا أكرههم أحد بإتفاق النَّاس
وَقد كَانَ فِي زمن بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس خلق كثير دون عَليّ فِي الْإِيمَان وَالتَّقوى يكْرهُونَ من