وَرَسُوله وَقد ثَبت فِي صَحِيح مُسلم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ سَيكون فِي ثَقِيف كَذَّاب ومبير فَكَانَ الْكذَّاب هُوَ الْمُخْتَار بن أبي عبيد وَكَانَ المبير هُوَ الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ
وَمن الْمَعْلُوم أَن عمر بن سعد أَمِير السّريَّة الَّتِي قتلت الْحُسَيْن مَعَ ظلمه وتقديمه الدُّنْيَا على الدّين لم يصل فِي الْمعْصِيَة إِلَى فعل الْمُخْتَار بن أبي عبيد الَّذِي أظهر الإنتصار للحسين وَقتل قَاتله بل كَانَ هَذَا أكذب وَأعظم ذَنبا من عمر بن سعد فَهَذَا الشيعي شَرّ من ذَلِك الناصبي بل وَالْحجاج بن يُوسُف خير من الْمُخْتَار بن أبي عبيد فَإِن الْحجَّاج كَانَ مبيرا كَمَا سَمَّاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسفك الدِّمَاء بِغَيْر حق وَالْمُخْتَار كَانَ كذابا يَدعِي الْوَحْي وإتيان جِبْرِيل إِلَيْهِ وَهَذَا الذَّنب أعظم من قتل النُّفُوس فَإِن هَذَا كفر وَإِن كَانَ لم يتب مِنْهُ كَانَ مُرْتَدا والفتنة أعظم من الْقَتْل
فَإِن الروافض شَرّ من النواصب وَالَّذين تكفرهم أَو تفسقهم الروافض هم أفضل من الَّذين تكفرهم أَو تفسقهم النواصب
وَأما أهل السّنة فيتولون جَمِيع الْمُؤمنِينَ ويتكلمون بِعلم وَعدل لَيْسُوا من أهل الْجَهْل وَلَا من أهل الْأَهْوَاء
ويتبرأون من طَرِيقه الروافض والنواصب جَمِيعًا ويتولون السَّابِقين الْأَوَّلين كلهم ويعرفون قدر الصَّحَابَة وفضلهم ومناقبهم ويرعون حُقُوق أهل الْبَيْت الَّتِي شرعها الله لَهُم وَلَا يرضون بِمَا فعله الْمُخْتَار وَنَحْوه من الْكَذَّابين وَلَا مَا فعل الْحجَّاج وَنَحْوه من الظَّالِمين ويعلمون مَعَ هَذَا مَرَاتِب السَّابِقين الْأَوَّلين فيعلمون أَن لأبي بكر وَعمر من التَّقَدُّم والفضائل مَا لم يشاركهما فِيهِ أحد من الصَّحَابَة لَا عُثْمَان وَلَا عَليّ وَلَا غَيرهمَا
وَهَذَا كَانَ مُتَّفقا عَلَيْهِ فِي الصَّدْر الأول إِلَّا أَن يكون خلاف شَاذ لَا يعبأ بِهِ حَتَّى إِن الشِّيعَة الأولى أَصْحَاب عَليّ لم يَكُونُوا يرتابون فِي تَقْدِيم أبي بكر وَعمر عَلَيْهِ كَيفَ وَقد ثَبت عَنهُ من وُجُوه متواترة أَنه كَانَ يَقُول خير هَذِه الْأمة بعد نبيها أَبُو بكر وَعمر
وَلَكِن كَانَت طَائِفَة من شيعَة عَليّ تقدمه على عُثْمَان وَهَذِه مَسْأَلَة أخْفى من تِلْكَ
وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّة أهل السّنة متفقين على تَقْدِيم أبي بكر وَعمر كَمَا هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد بن حَنْبَل