من يدْخل النَّار بذنوبه
فَأَيْنَ الْمَغْفِرَة
وَأما قَوْلك إِن هَذَا يَنْفِي الوثوق بهم وَيُوجب التنفير فَلَيْسَ بِصَحِيح بل إِذا أعترف الْكَبِير بِمَا هُوَ عَلَيْهِ من الْحَاجة إِلَى تَوْبَته
ومغفرة الله وَرَحمته
دلّ ذَلِك على صدقه وتواضعه وَبعده من الْكبر وَالْكذب
بِخِلَاف من يَقُول مَالِي حَاجَة إِلَى شَيْء من هَذَا فَمَا صدر مني مَا يحوجني إِلَى مغْفرَة وَلَا تَوْبَة
فَإِن مثل هَذَا إِذا عرف من رجل نسبه النَّاس إِلَى الْكبر وَالْجهل وَالْكذب
وَثَبت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لن يدْخل أحد مِنْكُم الْجنَّة بِعَمَلِهِ قَالُوا وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله قَالَ وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمة مِنْهُ وَفضل
وَثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ اللَّهُمَّ إغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني اللَّهُمَّ أَغفر لي هزلي وجدي
وخطأي وعمدي
وكل ذَلِك عِنْدِي مُتَّفق عَلَيْهِ
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل بنى آدم خطاء
وَخير الْخَطَّائِينَ التوابون
وَمَا ذكرته من عدم الوثوق والتنفير يحصل مَعَ الْإِصْرَار والإكثار
لَا مَعَ ندور الذُّنُوب المتبوعة بِكَثْرَة الإستغفار وَالتَّوْبَة
أما من إدعي الْبَرَاءَة والسلامة
فَمَا أحوجه إِلَى الرُّجُوع إِلَى الله وَالتَّوْبَة والإنابة
وَمَا علمنَا أَن بني إِسْرَائِيل وَلَا غَيرهم قَدَحُوا فِي نَبِي من الْأَنْبِيَاء بتوبته فِي أَمر من الْأُمُور
إِلَى أَن قَالَ فَأَما مَا تَقوله الرافضة من أَن النَّبِي قبل النُّبُوَّة وَبعدهَا لَا يَقع مِنْهُ خطأ وَلَا ذَنْب صَغِير
وَكَذَلِكَ الإثني عشر فَهَذَا مِمَّا انفردوا بِهِ عَن الْأمة كلهَا وَقد كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بعد التَّوْبَة خيرا مِنْهُ قبل الْخَطِيئَة
وَقَالَ بعض الْمَشَايِخ لَو لم تكن التَّوْبَة أحب الْأَشْيَاء إِلَيْهِ مَا ابتلى بالذنب أكْرم الْخلق عَلَيْهِ
وَلِهَذَا تَجِد التائب الصَّادِق أثبت على الطَّاعَة وَأَشد حذرا من الذُّنُوب من كثير مِمَّن لم يبتل بذنب فَمن جعل التائب الَّذِي إجتباه الله وهداه منقوصا فَهُوَ جَاهِل